للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففي هذه الآثارِ كلِّها دليلٌ على أنَّهُ إنَّما حكَمَ في اليهُوديَّينِ بما حكَمَ من أجْلِ أَنَّهُ حُكِّمَ، وتحُوكِمَ إليه، ورُضِيَ به.

وفي حديثِ ابن إسحاق: أنَّ ذلك كان حينَ قدِمَ المدينةَ. وذلك يدُلُّ على أنَّ اليهُودَ لم يَكُن لهم يومَئذٍ ذِمَّةٌ، كما قال مالكٌ رحِمهُ اللّه.

وعند ابنِ شِهابٍ أيضًا في هذا البابِ، عن سالم، عن ابن عُمرَ، قال: شَهِدتُ رسُولَ اللّه -صلى الله عليه وسلم- حينَ أمرَ برجمِهِما، فلمّا رُجِما، رأيتُهُ يُجافي بيدهِ عنها، ليَقِيَها الحِجارَةَ. رواهُ مَعْمرٌ، وغيرُهُ عنهُ (١).

والحُكمُ كان فيهم بشهادةٍ، لا باعتِرافٍ، وذلك محفُوظٌ من حديثِ جابر: أخبرنا عبدُ اللّه بن محمدٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بن بكرٍ، قال: حدَّثنا أبو داودَ، قال (٢): حدَّثنا يحيى بن موسى البَلْخيُّ، قال: حدَّثنا أبو أُسامةَ، قال مجُالِدٌ: أخْبَرنا عن عامرٍ (٣)، عن جابرِ بن عبدِ اللّه، قال: جاءَت يهُودُ برجُل منهُم وامرأةٍ زَنَيا، فقال: "ائتُوتي بأعْلَم رَجُلَيْنِ (٤) مِنْكُم" فأَتَوْهُ بابْنَي صُوريا، فناشَدَهُما: "كيفَ تَجِدانِ أمرَ هذين في التَّوراةِ؟ " قالا: نجِدُ في التَّوراةِ إذا شهِدَ أربعةٌ أنَّهُم رأَوْا ذكَرَهُ في فَرْجِها، مِثلَ المِيلِ في المُكْحُلةِ، رُجِما. قال: "فما مَنَعكُما أن ترجُمُوهُما؟ " قال: ذهَبَ سُلطانُنا، فكَرِهنا القتلَ. فدَعا رسُولُ اللّه -صلى الله عليه وسلم- بالشُّهُودِ، فجاءَ أربعةٌ فشهِدُوا أنَّهُم رأَوْا ذكَرَهُ في فَرْجِها مِثلَ المِيلِ في المُكْحُلةِ، فأمرَ رسُولُ اللّه -صلى الله عليه وسلم- برَجْمِهِما.


(١) سلف تخريجه.
(٢) في سننه (٤٤٥٢). ومن طريقه أخرجه البيهقي في الكبرى ٨/ ٢٣١. وأخرجه الحميدي (١٢٩٤)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/ ١٤٢، وفي شرح مشكل الآثار ١١/ ٤٥٠ (٤٥٤٥)، والدارقطني في سننه ٥/ ٢٩٩ (٤٣٥٥) من طريق مجالد بن سعيد، به. والروايات مطولة ومختصرة. وانظر: المسند الجامع ٤/ ١٨٥ - ١٨٦ (٢٦٤٥).
(٣) هكذا في الأصل وأبي داود، وهو الصواب، إذ معناه: حدثنا أبو أسامة، قال: أخبرنا مجالد عن عامر، فهو تقديم وتأخير حسب.
(٤) في الأصل، م: "رجل"، وهو تحريف، والمثبت من د ٤، وهو الذي في سنن أبي داود.

<<  <  ج: ص:  >  >>