مُسندًا، وبعضَهُ من قولِ ابن عُمر. وهُو كلُّهُ مُسندٌ صحيحٌ، وقد مَضَى القولُ فيه عندَ ذِكْرِ تحريم المُسْكِرِ، في بابِ إسحاق بن أبي طَلْحةَ، من كِتابِنا هذا، والحمدُ لله.
وأجمَعَ العُلماءُ على أنَّ شارِبَ الخَمْرِ ما لم يَتُبْ منها، فاسِقٌ مردُودُ الشَّهادةِ.
وذكَرَ الأثرمُ، قال: قلتُ لأحمدَ بن حَنْبل: لي جارٌ يَشْربُ الخمرَ، أأُسلِّمُ عليه؟ فسكتَ، ثُمَّ قال: سلِّمْ عليه، ولا تُجالِسهُ.
حدَّثنا محمدُ بن عبدِ الملِكِ، قال: حدَّثنا ابنُ الأعرابيِّ، قال: حدَّثنا سَعْدانُ بن نصرٍ، قال: حدَّثنا ابنُ عُيَينةَ، عن عَمرٍو، عن يحيى بن جَعْدةَ، قال: قال عُثمانُ بن عفّان: إيّاكُم والخمرَ، فإنَّها مِفتاحُ كلِّ شرٍّ، أُتي رجُلٌ فقيلَ لهُ: إمّا أن تحرِقَ هذا الكِتابَ، وإمّا أن تقتُلَ هذا الصَّبيَّ، وإمّا أن تقَعَ على هذه المرأةِ، وإمّا أن تشرَبَ هذا الكأسَ، وإمّا أن تسجُدَ لهذا الصَّليبِ. قال: فلم يرَ فيها شيئًا أهونَ من شُربِ الكأسِ، فلمّا شرَبها سجَدَ للصَّليبِ، وقتلَ الصَّبيَّ، ووقَعَ على المرأةِ، وحرقَ الكِتابَ (١).
وأمّا التَّوبةُ مِنَ الخمرِ، وغيرِها من كبائرِ الذُّنُوبِ، فمبسُوطةٌ للمُؤمِنِ، ما لم تحضُرْهُ الوَفاةُ ويُعاينِ الموتَ ويُغَرْغِر، فإذا بلغَ هذه الحالَ، فلا توبةَ لهُ إن تابَ حينَئذٍ، وتوبتُهُ مَرْدُودةٌ عليه، قال اللهُ عزَّ وجلَّ:{وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ} يعني: المُسلِمين. ثُمَّ قال:{وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ} الآيةَ [النساء: ١٨] يعني: جماعةَ الكافِرينَ.
وهذه الآيةُ تفسيرُ قولِهُ عزَّ وجلَّ:{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}[الأنفال: ٣٨] يُريدُ: قبلَ حُضُورِ الموتِ، على ما وصَفْنا.
(١) أخرجه البيهقي في الكبرى ٨/ ٢٨٨، و ١٠/ ٥، من طريق سعدان بن نصر، به.