فهذا عن ابن عُمرَ من وُجُوهٍ صِحاح: أنَّ رسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- فرَّقَ بينَ المُتلاعِنَيْنِ. كما رَوَى مالكٌ، وهذا يدُلُّك على أنَّهُ إنَّما أنكَرَ على ابن عُيينةَ ذلكَ في حديثِ سَهْلِ بن سَعْدٍ عندي، والله أعلمُ.
وقد زعَمَ قومٌ أنَّ مالكًا أيضًا انفردَ في حديثهِ هذا، بقولِهِ فيه: وألْحَقَ الولدَ بالمرأةِ، أو: ألْحَقَ الولدَ بأُمِّهِ. قالوا: وهذا لا يقولُهُ أحدٌ غيرُ مالكٌ، عن نافع، عن ابن عُمرَ.
قال أبو عُمر: حديثُ نافع، عن ابن عُمرَ، في هذا البابِ، رواهُ عُبيدُ الله بن عُمرَ، عن نافع، عن ابن عُمرَ: أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- لاعَنَ بين رَجُلٍ وامرأتِهِ، وفرَّقَ بينَهُما (١).
وهكذا رواهُ كلُّ من رَواهُ عن نافع، ذكَرُوا فيه اللِّعانَ والفُرقةَ، ولم يذكُرُوا أنَّ رسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- ألحقَ الولدَ بالمرأةِ، وقالهُ مالكٌ عن نافع، كما رأيتَ، وحسبُك بمالكٍ حِفظًا وإتقانًا، وقد قال جماعةٌ من أئمَّةِ أهلِ الحديثِ: إنَّ مالكًا أثبتُ في نافع وابن شِهابٍ من غيرِهِ.
حدَّثنا عبدُ الوارثِ بن سُفيانَ، قال: حدَّثنا قاسمُ بن أصبَغَ، قال: حدَّثنا محمدُ بن شاذان، قال: حدَّثنا مُعلّى، قال: حدَّثنا مالكُ بن أنسٍ، عن نافع، عن ابن عُمرَ: أنَّ رسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- لاعَنَ بين رجُلٍ وامرأتِهِ، انتَفَى من ولَدِها، ففرَّقَ رسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بينَهُما، وألحقَ الولَدَ بأُمِّهِ.
هكذا قال: بأُمِّهِ. وفي "المُوطَّأ": وألحقَ الولدَ بالمرأةِ. وذلك كلُّهُ سواءٌ.
وهذه اللَّفظةُ: وألحقَ الولدَ بأُمِّهِ، أو: بالمرأةِ، التي زعَمُوا أنَّ مالكًا انفردَ بها، وهي محفُوظةٌ أيضًا من وُجُوهٍ، منها: أنَّ ابنَ وَهْبٍ ذَكَر في "مُوطَّئهِ"، قال:
(١) أخرجه أحمد في مسنده ٨/ ٢١٠، و ٩/ ١٧٤ (٤٦٠٤، ٥٢٠٢)، والبخاري (٥٣١٣، ٥٣١٤)، ومسلم (١٤٩٤) (٩) من طريق عبيد الله، به.