للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخبرني يونُسُ، عن ابن شِهاب، عن سَهْلِ بن سعدٍ السّاعِديِّ، قال: حَضَرتُ لِعانَهُما عندَ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا ابنُ خمسَ عشْرةَ سنةً. وساقَ الحديث، قال: وفيه: ثُمَّ خَرَجَتْ حامِلًا، فكان الولَدُ لأُمِّهِ (١).

وذكَرَه الفِرْيابيُّ، عن الأوْزاعيِّ، عن الزُّهْريِّ، عن سَهْلِ بن سعدٍ السّاعِديِّ في هذا الخبرِ، خبَر المُتلاعِنَيْنِ، وقال فيه: فكان يُدْعَى (٢) الولدُ لأُمِّه (٣).

وذكَرَ أبو داود (٤) الحديثين جميعًا، ذكَرَ حديثَ ابن وَهْبٍ: عن أحمدَ بن صالح، عن ابن وَهْب. وذكَرَ حديث الفِريابيِّ: عن محمودِ بن خالدٍ، عن الفِريابيِّ.

وحسبُكَ بحديثِ مالكٍ في ذلكَ، ومالكٌ مالكٌ في إتقانِهِ وحِفظِهِ وتَوقِّيهِ وانتِقادِه (٥) لِما يَرْويهِ.

فإن قيلَ: ما معنى قولِهِ: وألحقَ الولدَ بأُمِّهِ، ومعلُومٌ أنَّهُ قد لحِقَ بأُمِّهِ، وأنَّها على كلِّ حالٍ (٦) أُمُّهُ؟ قيل لهُ: المعنى أنَّهُ ألحقَهُ بأُمِّهِ دُونَ أبيهِ، ونفاهُ عن أبيهِ بلِعانِهِ، وصَيَّرهُ إلى أُمِّهِ وحدَها، ولهذا ما اختلَفَ العُلماءُ في ميراثِهِ، فجعَلَ بعضُهُم عصَبَتَهُ عَصَبةَ أُمِّهِ، وجعَلَ بعضُهُم أُمَّهُ عصَبتَهُ، وسنذكُرُ اختِلافَهُم في ذلك، في آخِرِ هذا البابِ إن شاءَ الله.

وأمّا تفريقُ رسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- بين المُتلاعِنينِ فذلك عندَنا إعلامٌ منهُ -صلى الله عليه وسلم- أنَّ التَّلاعُنَ يُوجِبُ الفُرْقةَ والتَّباعُدَ، فأعلَمَهُما بذلكَ وفرَّقَ بينهُما، وقال: "لا سَبِيلَ


(١) أخرجه الطبراني في الكبير ٦/ ١١٧ (٥٦٨٥).
(٢) في البخاري: "ينسب".
(٣) أخرجه البخاري (٤٧٤٥)، وابن الجارود (٧٥٦)، وأبو عوانة (٤٦٧٧)، والطبراني في الكبير ٦/ ١١٤ (٥٦٧٧)، والبيهقي في الكبرى ٧/ ٤٠٠، من طريق الفريابي، به.
(٤) انظر: سننه (٢٢٤٧, ٢٢٤٩).
(٥) في م: "انتقائه"، والمثبت من النسخ.
(٦) هذه الكلمة لم ترد في م.

<<  <  ج: ص:  >  >>