للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا تمَّ الْتِعانُ المرأةِ بعدَ الْتِعان الرَّجُلِ، وقَعَتِ الفُرقةُ بينهُما، ثُمَّ لم تحِلَّ لهُ أبدًا، وسَواءٌ فرَّق الحاكِمُ بينهُما، أو لم يُفرِّق، وإن أكذَبَ نفسَهُ بعدَ ذلكَ، حُدَّ ولحِقَ به الولدُ، ولم يتَراجعا أبدًا، وإن بَقِي من لِعانِهِ، أو لِعانِ المرأةِ، ولو مرَّةً واحدةً، شَهادةٌ واحدةٌ، الخامِسةُ أو غيرُها، فأكذَبَ نفسَهُ قبلَ تمَامِها، حُدَّ وبَقِيت مَعهُ زوجَتُه إذا لم يتِمَّ لِعانُها. هذا كلُّهُ قولُ مالكٍ وأصحابِه (١).

ولو لاعَنَ عِندهُم من نَفَى حملًا، فانْفَشَّ، لم تُردَّ إليه، ولم تحِلَّ لهُ أبدًا؛ لأنَّهُ قد يجُوزُ أن تكونَ أسْقَطتهُ وكَتَمتهُ.

وعندَ الشّافِعيِّ (٢): أنَّ الرَّجُلَ إذا تمَّ الْتِعانُهُ، فقد زالَ فِراشُهُ، ولا تحِلُّ لهُ أبدًا.

وعندَ أبي حَنِيفةَ: أنَّ تمامَ اللِّعانِ لا يُوجِبُ فُرْقَةً حتّى يُفرِّقَ الحاكِمُ بينهُما. ولكلِّ واحدٍ منهُم حُجَّةٌ من حديثِ مالكٍ وغيرِهِ هذا محُتمَلةٌ للتَّأويل، وقولُ مالكٍ أولى بالصَّوابِ إن شاءَ الله.

وقال الشّافِعيُّ (٣) رحِمهُ الله: تَفْريقُ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- بين المُتلاعِنينٍ، تفريقُ حُكم، ليس لطَلاقِ الزَّوج فيه مدخَلٌ، وإنَّما هُو تفريقٌ أوجَبهُ اللِّعانُ، فأخبَرَ به (٤) النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- بقولِهِ: "لا سبيلَ لكَ عليها" (٥).

قال (٦): وإذا أكملَ الزَّوجُ الشَّهادَةَ والالْتِعانَ، فقد زالَ فِراشُ امرأتِهِ، ولا تحِلُّ لهُ أبدًا وإن أكذَبَ نفسَهُ، الْتَعنت أو لم تَلْتعِن. قال: وإنَّما قلتُ هذا، لأنَّ رسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا سبيلَ لكَ عليها"، ولم يَقُل: حتّى تُكذبَ نفسَكَ.


(١) انظر: المدونة ٢/ ٣٥٤ - ٣٥٥.
(٢) انظر: الأم ٥/ ٣٠٩.
(٣) انظر: الأم ٥/ ١٣٩.
(٤) "به" لم ترد في الأصل.
(٥) سلف قريبًا مسندًا من حديث ابن عمر.
(٦) الأم ٥/ ٣٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>