للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال (١): وكان معقُولًا في حُكْم رسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- إذ ألحَقَ (٢) الولدَ بأُمِّهِ، أنَّهُ نفاهُ عن أبيهِ، وأنَّ نَفْيَهُ عنهُ إنَّما كان بيَمِينِهِ والْتِعانِهِ، لا بيمينِ المرأةِ على تَكْذيبِهِ.

قال (٣): ومعقُولٌ في إجماع المُسلِمينَ: أنَّ الزَّوجَ إذا أكذَبَ نَفْسهُ، لحِقَ به الوَلَدُ، وجُلِدَ الحدَّ. ولا معنَى للمَرْأةِ في نَفْيِهِ، وأنَّ المعنى للزَّوج، فكيف يكونُ لها معنًى في يمينِ الزَّوج، ونفيُ الوَلدِ وإلحاقُهُ، والولَدُ بكلِّ حالٍ ولَدُها لا يَنْتفي عنها أبدًا، إنَّما يَنْتفي عن الرَّجُلِ، وإليه ينتسِبُ؟

قال: والدَّليلُ على ذلك ما لا يختلِفُ فيه أهلُ العِلم، من أنَّ الأُمَّ لو قالت: ليسَ هُو مِنكَ، إنَّما اسْتَعرتُهُ: لم يَكُن قولُها شيئًا، إذا عُرِفَ أنَّها ولدتهُ على فِراشِهِ، ولم يَنْتفِ منه إلّا بلِعانٍ؛ لأنَّ ذلكَ حقٌّ (٤) للولَدِ دُونَ الأُمِّ. وكذلكَ لو قال: هُو ابني، وقالت هِيَ: بل زنيتُ، وهُو من زِنًى. كان ابنَهُ، ولم يُنظَر إلى قولِها. ألا تَرَى أنَّ حُكمَ النَّفيِ والإثباتِ إليه دُونَ أُمِّهِ؟ فكذلكَ نفيُهُ بالْتِعانِهِ إليه دُون أُمِّهِ. قال: والْتِعانُ المرأةِ إنَّما هُو لدَرْءِ الحدِّ عنها لا غيرُ، ليسَ من إثباتِ الولَدِ، ولا نَفْيِهِ في شيءٍ.

قال الشّافِعيُّ (٥): وإذا علِمَ الزَّوجُ بالولدِ، فأمكَنهُ الحاكِمُ إمكانًا بيِّنًا، فتركَ اللِّعانَ (٦) لم يكُن لهُ أن يَنْفيَهُ بعدُ.

وقال ببغدادَ: إن لم يَشْهد بحَضْرةِ ذلك في يوم أو يومينِ، لم يكُن لهُ نفيُهُ. وقال بمِصرَ أيضًا: ولو قال قائلٌ: لهُ نَفْيُهُ في ثلاثةِ أيام إن كان حاضِرًا، كان مذهبًا.


(١) الأم ٥/ ٣١٠.
(٢) في م: "إذا لحق".
(٣) انظر: الأم ٥/ ٣١٠.
(٤) في م: "أحق".
(٥) نقله من مختصر اختلاف العلماء ٢/ ٥٠٣، وكذلك قوله الآتي ببغداد.
(٦) زاد هنا في د ٤: "ثم".

<<  <  ج: ص:  >  >>