للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وقولُهُ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} الآيةَ [النور: ٦]. قال: فإذا حلَفا فُرِّقَ بينهُما، وإن لم يَحْلِفا أُقيمَ الجَلْدُ أوِ الرَّجمُ (١).

وهذا كقولِ مالكٍ (٢) سَواءٌ في الفُرقةِ وإقامةِ الحدِّ، عندَ نُكُولِ المرأةِ.

وقال الضَّحّاكُ بن مُزاحِم، في قولِهِ عزَّ وجلَّ: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} قال: إن هي أبت أن تُلاعِنَ، رُجِمت إن كانت ثيِّبًا، وجُلِدت إن كانت بِكْرًا (٣). وهُو قولُ أكْثَرِ أهلِ العِلم بتأويلِ القُرآن، وأكثرِ فُقهاءِ الأمْصَارِ.

والعَجَبُ من (٤) أبي حَنِيفةَ يقضي بالنكُولِ في الحُقُوقِ بين النّاسِ، ولا يَرَى ردَّ اليَمينِ، ولم يَقُل بالنُّكُولِ ها هُنا، والذي ذهَبَ إليه أبو حنيفةَ، واللهُ أعلمُ، أنَّهُ جَبُن عن (٥) إقامةِ الحدِّ عليها -بدعوَى زَوْجِها ويَمينِهِ، دُون إقرارِها، أو ببيِّنة تقومُ عليها، ولم يَقْضِ بالنُّكُولِ، لأنَّ الحُدُودَ تُدرأُ بالشُّبُهاتِ، ومِثلُ هذا كلِّهِ شُبْهةٌ دَرَأَ بها الحدَّ عنها- وحَبَسها حتّى تلتعِنَ. وهذا قولٌ ضعيفٌ في النَّظرِ، مع مخُالفتِهِ الجُمهُورَ والأُصُولَ، والله المُستعانُ.

ومذهبُ مالكٍ والشّافِعيِّ: أنَّ اللِّعانَ فسخٌ بغيرِ طلاقٍ. وقال أبو حنيفةَ: هي طَلْقةٌ بائنةٌ (٦).

واتَّفق مالكٌ والشّافِعيُّ على أنَّهُ جائزٌ أن يُلاعِنَ إذا نَفَى الحملَ، وكان الحملُ (٧) ظاهِرًا، على ما تقدَّمَ عن مالكٍ وأصحابِهِ. وهُو قولُ الشّافِعيِّ، وأصحابِهِ


(١) ذكره السيوطي في الدر المنثور ١٠/ ٦٤٦، وعزاه إلى أبي داود في الناسخ والمنسوخ.
(٢) في د ٤: "هكذا كقول مالك".
(٣) انظر: مصنَّف ابن أبي شيبة (٢٩٠٤٧) وفيه: تجلد مئة وتُرجم.
(٤) في د ٤: "في".
(٥) في م: "حين عز" بدل: "جبن عن".
(٦) وهو في الأصل قول إبراهيم النخعي أخذ به أبو حنيفة ومحمد بن الحسن. ينظر: المبسوط للسرخسي ٧/ ٤٣.
(٧) قوله: "وكان الحملُ" لم يرد في د ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>