للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال آخرُونَ: عصَبتُهُ عصَبةُ أُمِّهِ. قال ذلك جماعَةٌ، وإليه ذهَبَ أحمدُ بن حَنْبل، قال: ابنُ المُلاعِنةِ ترِثُهُ أُمُّهُ وعصَبتُها. والقائلُونَ بهذين القولينِ، يقولُونَ بتوريثِ ذوي الأرْحام.

وقال عليُّ بن أبي طالب، وزيدُ بن ثابتٍ: لا عَصبةَ لابن المُلاعنةِ، وهُو عندَهُما كموروثٍ لم يُخلِفْ أبًا ولا عَصَبةً، فإن كان لهُ إخوةٌ لأُمٍّ، ورِثُوا فَرْضَهُم، ووَرِثت أُمُّهُ سهمَها، وما بَقِي فلِبَيْتِ المالِ. هذه رِوايةُ قتادةَ، عن خِلاس (١)، عن عليٍّ، وزيد (٢). والمشهُورُ عن عليٍّ: أنَّ عصَبَتهُ: عصَبةُ أُمِّهِ، إلّا أنَّ مذهَبَهُ: أنَّ ذا السَّهم، أحقُّ مِمَّن لا سهمَ لهُ. وبه قال أبو حنيفةَ، وأصحابُهُ.

وقال ابنُ مسعُودٍ: عصَبتُهُ عصَبةُ أُمِّه (٣).

وهُو قولُ الحسنِ، وابن سيرينَ، وجابرِ بن زيدٍ، وعطاءٍ، والشَّعبيِّ، والنَّخَعيِّ، وحمّادٍ، والحكم (٤)، وسُفيانَ، والحسن بن صالح، وشَرِيكٍ، ويحيى بن آدمَ، وأحمد بن حَنْبل، وأبي عُبَيدٍ، إلّا أنَّهُمُ اختلفُوا، فمِنهُم من لم يجعَلْ عَصَبةَ أُمِّهِ عصَبتَهُ إلّا عندَ عَدم أُمِّهِ، ومنهُم من أعَطاها فَرْضَها، وجعلَ الباقيَ لعصَبتِها، ابنًا كان لها، أو أخًا لابْنِها (٥)، أو غيرَهُ من عصَبَتِها.

والذين جعلُوا أُمَّهُ عصَبَتهُ، فإذا لم تكُن فعصَبَتُها، احتجُّوا بحديثِ واثِلةَ بن الأسْقَع، عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، أنَّهُ قال: "المرأةُ تُحرِزُ ثلاثةَ مواريثَ: عَتِيقَها، ولَقِيطَها،


(١) في م: "جلاس"، مصحف، وهو خلاس بن عمرو الهجري البصري. انظر: تهذيب الكمال ٨/ ٣٦٤.
(٢) انظر: السنن الكبرى للبيهقي ٦/ ٢٥٨، من طريق قتادة، به.
(٣) انظر: سنن الدارمي (٢٩٦٣)، وسنن البيهقي الكبرى ٦/ ٢٥٨.
(٤) انظر: مصنَّف عبد الرزاق (١٢٤٨٠، ١٢٤٨٣)، ومصنَّف ابن أبي شيبة (٣١٩٧٧) فما بعد.
(٥) في د ٤: "لأبيها".

<<  <  ج: ص:  >  >>