للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وورِثهُ، وابنُ الزّانيةِ عندَ جماعةِ العُلماءِ، كابن المُلاعِنةِ سواءً، وكلٌّ فيه على أصْلِهِ الذي ذكَرْناهُ عنهُم.

وأجمعُوا في تَوْأمي الزّانيةِ: أنَّهُما يَتَوارثانِ على أنَّهُما لأُمٍّ. واختَلَفُوا في تَوْأمي المُلاعِنةِ؟ فذهب مالكٌ، والشّافِعيُّ، وهُو قولُ أهلِ المدينةِ: إلى أنَّ تَوارُثَهُما كتَوارُثِ الإخْوةِ للأبِ والأُمِّ (١). ويحتجُّون بأنَّ المُلاعِنَ إذا اسْتَلحقهُما، جُلِدَ الحدَّ، ولحِق به النَّسبُ.

وذهَبَ الكُوفيُّون إلى أنَّ تَوْأمي المُلاعنةِ كتَوْأمي الزّانيةِ، لا يتوارثانِ إلّا على أنَّهُما لأُمٍّ.

وإن ماتَ ابنُ المُلاعنةِ فاسْتَلحقهُ المُلاعِنُ بعد مَوْتِهِ، فإنَّ مالكًا وأبا حنيفةَ وأصحابَهُما يقولُونَ: إن خلَّفَ ولدًا، لحِق به نَسبُهُ وورِثَ، وإن لم يُخلِّف ولدًا، لم يرِثْهُ، ويُجلدُ الحدَّ على كلِّ حالٍ.

وقال الشّافِعيُّ يُجلَدُ الحدَّ، ويَلْحقُ به الولدُ ونَسبُهُ، ويرِثُ، خلَّف ولدًا أو لم يُخلِّف، وإن ماتَ المُلاعِنُ بعدَ أن التعَنَ، وقبلَ أن تَلْتعِنَ المرأةُ، فإن الْتَعنَتْ بعدَهُ لم تَرِثْه، وإن نَكَلَتْ عن الالْتِعانِ، حُدَّت وورِثَتْ في قولِ مالكٍ.

وقال الشّافِعيُّ: لا يَتَوارثانِ أبدًا إذا الْتَعنَ الرَّجُلُ وتمَّ التِعانُهُ؛ لأنَّ الفِراشَ قد زالَ بالْتِعانِهِ، وإنَّما الْتِعانُ المرأةِ لدَفْع الحدِّ عنها.

وقال أبو حنيفةَ: لا ينقطِعُ التَّوارُثُ بينهُما أبدًا حتّى يُفرِّق الحاكِمُ بينَهُما، فأيُّهُما ماتَ قبل ذلكَ، وِرِثَهُ الآخَرُ. وإليه ذهَبَ أحمدُ بن حَنْبل.

ولكلِّ واحدٍ منهُم في هذه المسائلِ اعْتِلالاتٌ يَطُولُ ذِكرُها، ولو تعرَّضنا لها، خرَجْنا عن شَرْطِنا في كِتابِنا، وبالله توفيقُنا (٢).


(١) من هنا إلى آخر الفقرة لم يرد في د ٤، وهو ثابت في الأصل وغيره.
(٢) جاء في حاشية الأصل: "بلغت المقابلة بحمد الله وحسن عونه".

<<  <  ج: ص:  >  >>