للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السّائبِ، عن نافع بن (١) عُجَيرِ بن عبدِ يزيد، أنَّ رُكانةَ بن عَبدِ يزيدَ طلَّقَ امرأتهُ سُهَيمةَ المُزنيَّةَ البتَّةَ، ثُمَّ أتى النَّبيَّ عليه السَّلامُ، فقال: إنِّي طلَّقتُ امْرَأتي سُهَيمةَ المُزنيَّةَ البتَّةَ، ووالله ما أردتُ إلّا واحدةً. فقال النَّبيُّ عليه السَّلامُ: "آلله ما أردتَ إلّا واحدةً؟ " فقال: والله ما أردتُ إلّا واحدةً، فردَّها إليه النَّبيُّ عليه السَّلامُ. فطلَّقها ثانيةً زَمَن عُمرَ، والثّالثةَ في زمَنِ عُثمانَ.

قال أبو عُمر: اختُلِفَ على عبدِ الله بن عليٍّ في هذا الحديثِ، وسَنذكُرُ حديث عبدِ الله بن يزيدَ في كِتابِنا هذا إن شاءَ الله، ونذكُرُ هُناك اختِلافَ العُلماءِ في البتَّةَ، بما يجِبُ في ذلك من القولِ بعونِ الله.

وقال أبو داود (٢): حديثُ الشّافِعيِّ هذا أصحُّ حديثٍ في هذا البابِ. يعني: في البتّةَ. قال: لأنَّهُم أهلُ بيتِه، وهُو أعلمُ بهم.

وليسَ فيما احتجُّوا من عُمُوم قولِهِ عليه السَّلامُ: "ثُمَّ إن شاءَ طلَّقَ بَعْدُ، وإن شاءَ أمسكَ"، ما يدُلُّ على إباحَةِ طلاقِ الثَّلاثِ؛ لأنَّهُ جائزٌ أن يكونَ أرادَ عليه السَّلامُ: فإن شاءَ طلَّقَ الطَّلاقَ الذي أذِنَ اللهُ فيه بقولِهِ: {لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} [الطلاق: ١]. يعني: المُراجعةَ، وبِقولِهِ: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: ٢٢٩]. ثُمَّ إن طلَّقها، فلا تحِلُّ لهُ الثّالثةَ.

وهذا معناهُ في أوقاتٍ مُتفرِّقاتٍ، والله أعلمُ (٣).


= من طريق الشافعي، به، عن نافع بن عجير، عن ركانة، موصولًا. وأخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (١١١٩٦)، والبيهقي في الكبرى ٧/ ٣٤٢، من طريق عبد الله بن علي بن السائب، به موصولًا. وانظر: المسند الجامع ٥/ ٤٤١ (٣٧٤٠).
(١) في م: "عن عجير"، محرف، وهو نافع بن عجير بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف، القرشي المطلبي، حجازي. انظر: التاريخ الكبير للبخاري ٨/ ٨٤، وتهذيب الكمال ٢٩/ ٢٨٦.
(٢) انظر: سننه بإثر رقم (٢٢٠٨).
(٣) قد نبهنا على عدم ورود ما تقدم من قوله: "وقد ذكرنا حديث شعبة إلى هنا" في الأصل ومَن نَسَخَ منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>