للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفُرُوعُ هذا البابِ تطُولُ، وقد ذكَرْنا من أُصُولِهِ ما يُشرِفُ (١) النّاظِرُ فيه على المُرادِ منهُ.

وسَنذكُرُ مسائلَ الحيضِ، واختِلافَهُم فيها، في بابِ نافع، عن سُليمانَ بن يسارٍ، من كِتابِنا هذا إن شاءَ الله.

وأمّا قولُهُ -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديثِ: "ثُمَّ تطهُرَ (٢)، ثُمَّ إن شاءَ طلَّقَ، وإن شاءَ أمسكَ، فتلكَ العِدَّةُ التي أمرَ اللهُ تعالى أن يُطلَّقَ لها النِّساءُ".

ففيه دليلٌ بيِّنٌ على أنَّ الأقْراءَ التي تعتدُّ بها (٣) المُطلَّقةُ، هي الأطهارُ، واللهُ أعلمُ؛ لأنَّ اللهَ تباركَ وتعالى جعلَ المُطلَّقاتِ يتربَّصنَ بأنفُسِهِنَّ ثلاثةَ قُرُوءٍ، فلمّا نَهَى رسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- عن الطَّلاقِ في الحَيْضِ، وقال: إنَّ الطَّلاقَ في الطُّهرِ هُو الطَّلاقُ الذي أذِنَ اللهُ عزَّ وجلَّ فيه للعِدَّةِ، بقولِه: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١] أو "لِقُبُلِ عِدَّتِهِنَّ".

عُلِمَ أنَّ الأقْراءَ التي تَعْتدُّ بها المُطلَّقةُ، هي الأطْهارُ؛ لأنَّ الطَّلاقَ للعِدَّةِ إنَّما يكونُ فيها، وليسَ للطَّلاقِ في الحَيْضِ للعِدَّةِ، وفي ذلكَ بيانُ أنَّ الأقْراءَ: الأطْهارُ، واللهُ أعلمُ.

وهذا مَوْضِعٌ اختلَفَ فيه العُلماءُ من الصَّحابةِ والتّابِعينَ، ومن بَعدهُم من الخالِفينَ؛ لأنَّهُ موضِعُ اشتِباهٍ وإشكالٍ، لأنَّ الحيضَ في كلام العَرَبِ يُسمَّى قُرءًا والطُّهرُ أيضًا في كلام العربِ يُسمَّى قُرءًا. وأصلُ القُرءِ في اللُّغةِ: الوقتُ، والظُّهُورُ (٤)، والجَمْعُ، والحملُ أيضًا.


(١) في ف ٣: "يستشرف".
(٢) زاد هنا في م: "ثم تحيض، ثم تطهر".
(٣) في الأصل: "به"، والمثبت من بقية النسخ، وهو الأصح.
(٤) في م: "الظهور".

<<  <  ج: ص:  >  >>