للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: وإنَّما هُو جَمْعُ الرَّحِم الدَّمَ، لا ظهُورُهُ (١)، ومنهُ: قَرَأتُ الماءَ في الحَوْضِ، أي: جمعتَهُ، وقَرَأتُ القُرآنَ، أي: ضممتَ بعضَهُ إلى بعضٍ بلِسانِكَ.

قالوا: والدَّليلُ على أنَّ الأطْهارَ، هي الأقراءُ التي أمَر اللهُ المُطلَّقةَ أن تتربَّصَها، أمرُ رسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- بالطَّلاقِ في الطُّهرِ، لمن شاءَ أن يُطلِّقَ، وهو قولُهُ: "هي العِدَّةُ التي أمَرَ اللهُ عزَّ وجلَّ أن يُطلَّقَ لها النِّساءُ".

فبيَّنَ مُرادَ الله عزَّ وجلَّ من قولِهِ: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١] أو لقُبُلِ عِدَّتِهِنَّ، وهُو المُبيِّنُ عن الله مُرادَهُ -صلى الله عليه وسلم-.

وسنَزيدُ هذا الوَجْه حُجَّةً وبَيانًا فيما بَعدُ من هذا البابِ، إذا (٢) أتينا على نَقْضِ (٣) ما احْتَجَّ به القائلُونَ بالقولِ الأُول إن شاءَ الله.

ومِمَّن ذهَبَ إلى أنَّ الأقْراءَ الأطهار: مالكٌ، والشّافِعيُّ، وداودُ بن عليٍّ، وأصحابُهُم. وهُو قولُ عائشةَ، وزيدِ بن ثابتٍ، وعبدِ الله بن عُمرَ. ورُوي أيضًا عن ابن عبّاسٍ. وبه قال القاسمُ، وسالمٌ وأبانُ بن عُثمان، وأبو بكر بن عبدِ الرَّحمن، وسُليمانُ بن يَسارٍ، وعُروةُ بن الزُّبيرِ، وعُمرُ بن عبدِ العزيزِ، وابنُ شِهاب، وربيعةُ، ويحيى بن سعيدٍ، كلُّ هؤُلاءِ يقولُون: الأقْراءُ: الأطهارُ (٤). فالمُطلَّقةُ عندَهُم تحِلُّ للأزواج، وتخرُجُ من عِدَّتِها، بدُخُولِها في الدَّم من الحَيْضةِ الثّالثةِ.

وسواءٌ بقي من الطُّهرِ الذي طُلِّقت فيه المرأةُ يومٌ واحدٌ أو أقلُّ أو أكثرُ، أو


(١) في م: "طهوره".
(٢) في م: "إذ".
(٣) في د ٤: "بعض".
(٤) انظر: مصنَّف عبد الرزاق (١١٠٠٤، ١١٠٠٥)، وسنن سعيد بن منصور (١٢٢٥ - ١٢٢٩، ١٢٣١، ١٢٣٢)، ومصنَّف ابن أبي شيبة (١٨٧٣٠، ١٨٧٣٢)، وتفسير الطبري ٤/ ٦١، ٥٠٧ (٤٧٠٠ - ٤٧٠٦)، وسنن البيهقي الكبرى ٧/ ٤١٥ - ٤١٦. وانظر: أيضًا الموطأ ٢/ ٨٩ - ٩٠ (١٦٨٤، ١٦٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>