للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ساعةٌ واحدةٌ، فإنَّها تَحتسِبُ به المرأةُ قُرءًا؛ لأنَّ المُبتَغَى من الطُّهرِ، دُخُولُ الدَّم عليه، وهُو الذي يُنبِئُ عن سَلامةِ الرَّحِم، ولَيْستِ استِدامةُ الطُّهرِ بشيءٍ.

وهذا كلُّهُ قولُ مالكٍ والشّافِعيِّ وسائرِ الفُقهاءِ القائلينَ بأنَّ الأقراءَ: الأطهارُ، إلّا الزُّهريَّ وحدَهُ، فإنَّهُ قال في امْرَأةٍ طُلِّقت في بَعضِ طُهرِها: إنَّها تعتدُّ ثلاثةَ أطْهارٍ، سِوى بقيَّةِ ذلك الطُّهر (١). فعلى قولِهِ، لا تحِلُّ المُطلَّقةُ حتّى تدخُل في الحَيْضةِ الرّابعةِ، والحُجَّةُ لمالكٍ، والشّافِعيِّ، ومن قال بقولِهِما: أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- أذِنَ في طلاقِ الطّاهِرِ من غيرِ جِماع، ولم يقُل: أوَّلَ الطُّهرِ، ولا آخِرَهُ.

وذكَرَ أبو بكرٍ الأثرمُ (٢): أنَّ أحمدَ بن حَنْبل كان يَذْهبُ إلى قولِ عُمرَ وعليٍّ وعبدِ الله وأبي موسى، ثُمَّ رجعَ عن ذلك وقال: رأيتُ حديثَ عُمر وعبدِ الله يختلفُ في إسنادِهِ الأعمشُ ومنصُورٌ والحكمُ، وحديثُ عليٍّ رواهُ سعيدُ بن المُسيِّبِ، عن عليٍّ، وليسَ هُو عِندي سماعًا، أرسلهُ سعيدٌ عن عليٍّ، وحديثُ الحَسَنِ عن أبي موسى الأشعريِّ مُنقطِعٌ؛ لأنَّ الحسنَ لم يسمَعْ من أبي موسى، وسائرُ الأحاديثِ عن الصَّحابةِ في هذا مُرسلةٌ.

قال: والأحاديثُ عمَّن قال: إنَّهُ أحقُّ بها حتّى تدخُل في الحيضةِ الثّالثةِ، أسانيدُها صِحاحٌ قويَّةٌ.

قال: ثُمَّ ذهَبَ بعدُ أحمدُ إلى هذا.

قال أبو عُمر: الاختِلافُ الذي حَكاهُ أحمدُ بن حَنْبل في حديثِ عُمرَ وعبدِ الله، هُو أنَّ الأعمشَ يرويهِ عن إبراهيمَ، عن عُمرَ وعبدِ الله، أنَّهُما قالا: هُو أحقُّ بها، ما لم تَغْتسِلْ من الحَيْضةِ الثّالثة (٣).


(١) انظر: المحلى لابن حزم ١١/ ٦٣٢.
(٢) انظر: المغني لابن قدامة ٨/ ٨١.
(٣) أخرجه سعيد بن منصور في سننه (١٢٣٠)، وابن أبي شيية في المصنَّف (١٩٢٢٦)، والطبري في تفسيره ٤/ ٥٠٣ (٤٦٨٥) من طريق الأعمش، به، ووقع في مصنَّف ابن أبي شيبة: عمرو، وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>