وقال الشّافِعيُّ: ابنُ عُمر قد زادَ على ابن عبّاسٍ شيئًا نقَصَهُ ابنُ عبّاسٍ وحَفِظهُ ابنُ عُمرَ، وذلك قولُهُ:"وليَقْطعهُما أسفلَ من الكَعْبينِ". والمصيرُ إلى رِوايةِ ابن عُمرَ أولى.
ورَوَى ابنُ وَهْب، عن مالكٍ واللَّيثِ: أنَّ من لبِسَ خُفَّينِ مَقْطُوعينِ، أو غيرَ مَقْطُوعين، إذا كان واجِدًا للنَّعلينِ، فعليه الفِديةُ.
وقال أبو حَنِيفةَ: لا فِديةَ عليه إذا لَبِسهُما مَقْطُوعينِ وهُو واجِدٌ للنَّعلينِ. قال: ومن لبِسَ السَّراويلَ افْتَدَى على كلِّ حالٍ، وجدَ إزارًا، أو لم يجِدْ، إلّا أن يَفْتُقَ السَّراويلَ.
واختلفَ قولُ الشّافِعيِّ فيمَنْ لبِس الخُفَّينِ مَقْطُوعينِ وهُو واجِدٌ للنَّعلينِ، فمرَّةً قال: عليه الفِديةُ، ومرَّةً قال: لا شيءَ عليه.
وقال مالكٌ: من ابتاعَ خُفَّينِ وهُو مُحرِمٌ، فجرَّبهُما وقاسَمهُما في رِجلِهِ، فلا شيءَ عليه، وإن تَرَكهُما حتّى مَنعهُ ذلك من حرٍّ، أو بردٍ، أو مَطرٍ، افتدى.
قال أبو عُمر: كان ابنُ عُمرَ يَقْطعُ الخُفَّينِ، حتّى للمرأةِ المُحرِمةِ، وهذا شيءٌ لا يقولُ به أحدٌ من أهلِ العِلم فيما عَلِمتُ، ولا بأسَ بلِباسِ المُحرِمةِ الخِفافَ عندَ جَميعِهِم، وقد رُوي عن ابن عُمرَ: أنَّهُ انصرفَ عن ذلك.
حدَّثنا عبدُ الله بن محمدٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بن بكرٍ، قال: حدَّثنا أبو داودَ، قال (١): حدَّثنا قُتيبةُ بن سعيدٍ، قال: حدَّثنا ابنُ أبي عديٍ، عن محمدِ بن إسحاقَ،
(١) في سننه (١٨٣١). ومن طريقه أخرجه البيهقي في الكبرى ٥/ ٥٢. وأخرجه أحمد في مسنده ٨/ ٤٤٩، و ٤٠/ ٧٨ (٤٨٣٦، ٢٤٠٦٧) عن ابن أبي عدي، به. وأخرجه ابن خزيمة (٢٦٨٦)، والدارقطني في سننه ٣/ ٣٢١ (٢٦٧٠) من طريق ابن إسحاق، به. وانظر: المسند الجامع ١٩/ ٥٩٣ (١٦٤٦٥). قال الدارقطني في العلل (٣٩١٩): "يرويه محمد بن إسحاق عن الزهري عن سالم عن أبيه عن امرأته صفية عن عائشة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وخالفه يونس والليث بن سعد وابن عيينة رووه عن الزهري بهذا الإسناد موقوفًا، وهو الصحيح".