للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن ابن شِهاب، قال: حدَّثني سالمٌ، أنَّ عبدَ الله بن عُمرَ كان يَقْطعُ الخُفَّين للمرأةِ المُحْرِمةِ، ثُمَّ حدَّثَتْهُ صَفيَّةُ بنتُ أبي عُبيدٍ، أنَّ عائشةَ حَدَّثتها: أنَّ رسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قد كان أرْخَصَ للنِّساءِ في الخُفَّين، فتركَ ذلكَ.

قال أبو عُمر: هذا إنَّما كان من وَرَع ابن عُمرَ، وكَثْرةِ اتِّباعِهِ، ومع هذا فإنَّهُ استعملَ ما حفِظَ على عُمُومِهِ، حتّى بلَغهُ فيه الخُصُوصُ.

ومِمّا وَصَفتُ من وَرعِهِ وتَوقُّفِهِ: ما حدَّثناهُ عبدُ الله بن محمدٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بن بكرٍ، قال: حدَّثنا أبو داودَ، قال (١): حدَّثنا موسى بن إسماعيلَ، قال: حدَّثنا حمّادٌ، عن أيُّوبَ، عن نافع، عن ابن عُمرَ، أنَّهُ وجدَ القُرَّ (٢)، فقال: يا نافعُ، ألْقِ عليَّ ثوبًا. قال: فألقيتُ عليه بُرنُسًا، فقال: أتُلْقي عليَّ هذا وقد نَهَى رسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- أن يَلْبَسَهُ المُحْرِمُ؟

ألا تَرَى أنَّهُ كرِهَ أن يُلقَى عليه البُرنُسُ؟ وسائرُ أهلِ العِلم إنَّما يكرهُونَ الدُّخُولَ فيه، ولكِنَّهُ، رَحِمهُ اللهُ، استعملَ العُمُومَ في اللِّباسِ؛ لأنَّ التَّغْطيةَ والامتِهانَ (٣) قد يُسمَّى لِباسًا، ألم تسمَعْ إلى قولِ أنَسٍ: فقُمتُ إلى حَصيرٍ لنا قدِ اسْوَدَّ من طُولِ ما لُبِسَ (٤)؟

قال أسدٌ وأبو ثابتٍ وسُحنُونٌ (٥) وأبو زيدٍ: قلتُ لابن القاسم: هل كان


(١) في سننه (١٨٢٨). وأخرجه الحميدي (٦٩٥)، وأحمد في مسنده ١٠/ ٣٧٥ (٦٢٦٦) من طريق أيوب، به. وانظر: المسند الجامع ١٠/ ٢٦٤ - ٢٦٥ (٧٥٠٤).
(٢) القُرُّ: البرد عامة، بالضم. وقيل: القر في الشتاء، والبرد في الشتاء والصيف. انظر: لسان العرب ٥/ ٨٢.
(٣) جاء في نسخة في حاشية د ٤: "الاستتار".
(٤) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٢١٨ - ٢١٩ (٤١٩).
(٥) انظر: المدونة ١/ ٤٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>