للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكَرَ ابنُ خُوَيْزِمَنْداد، قال: قال مالكٌ: النّيَّةُ بالإحرام في الحجِّ تُجزِئُ، وإن سَمَّى (١)، فذلك واسع.

قال: وهُو قولُ أبي حنيفةَ: أنَّهُ إن نَوَى فكَبَّرَ، ولم يُسمِّ حجًّا ولا عُمرةً، أجْزَأتهُ النِّيَّةُ. غير أنَّ الإحرامَ عندَهُ، من شَرْطِهِ التَّلبيةُ، ولا يصِحُّ عندَهُ إلّا بتلبية.

قال: وكذلك قال الثَّوريُّ.

قال: وقال الحسنُ بن حيٍّ والشّافِعيُّ: التَّلبيةُ إن فعَلَها فحسنٌ، وإن ترَكَها، فلا شيءَ عليه (٢).

قال أبو عُمر: وذكَرَ إسماعيلُ بن إسحاق، عن أبي ثابتٍ، قال: قيلَ لابن القاسم: أرأيتَ المُحرِمَ من مَسْجِدِ ذي الحُليفةِ، إذا توجَّه من فِناءِ المسجدِ، بعدَ أن صلَّى، فتَوجَّه وهُو ناسٍ، أيكونُ في توجُّهِهِ محُرِمًا؟ فقال ابنُ القاسم: أراهُ محُرِمًا، فإن ذكَرَ من قَريبٍ لبَّى، ولا شيءَ عليه، وإن تطاولَ ذلك عليه، ولم يذكُر حتّى خرجَ من حجِّهِ، رأيتُ أن يُهريقَ دمًا.

قال إسماعيلُ بن إسحاق: وهذا يدُلُّ من قولِهِ، على أنَّ الإهلالَ للإحرام ليسَ عندَهُ بمنزِلةِ التَّكبيرِ للدُّخُولِ في الصَّلاةِ؛ لأنَّ الرَّجُلَ لا يكونُ فى اخِلًا في الصَّلاةِ إلّا بالتَّكبيرِ، ويكونُ داخِلًا في الإحرام بالتَّلبيةِ، وبغيرِ التَّلبيةِ من الأعمالِ التي يوجِبُ الإحرامَ بها على نفسِهِ، مِثلَ أن يقولَ: قد أحرمتُ بالحجِّ والعُمرةِ، أو يُشْعِرَ الهَدْيَ، وهُو يُريدُ بإشْعارر الإحرامَ، أو يتوجَّه نحو البيتِ، وهُو يُريدُ بتوجُّهِهِ الإحرامَ، فيكونَ بذلك كلِّهِ وما أشبههُ مُحرِمًا.

وقد مَضَى القولُ في الحينِ الذي يقطَعُ فيه التَّلبيةَ، الحاجُّ والمُعتمِرُ، وإلى أين تنتهي تَلْبيتُهُ، في بابِ محمدِ بن أبي بكرٍ، والحمدُ لله لا شريكَ له (٣).


(١) في م: "نسي".
(٢) انظر: طرح التثريب في شرح التقريب للعراقي ٥/ ٧٨.
(٣) قوله: "لا شريك له" لم يرد في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>