للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال مالكٌ (١): من أرادَ الحجَّ والعُمرةَ، فجاوَزَ الميقاتَ، ثُمَّ أحرمَ وتركَ الإحرامَ من الميقاتِ، فليَمْضِ ولا يرجِعْ، مُراهِقًا كان أو غيرَ مُراهِقٍ، وليُهْريقَ دمًا. قال: وليسَ لمن تعدَّى الميقاتَ فأحرمَ، أن يرجِعَ إلى الميقاتِ فينقُضَ إحرامَهُ.

قال إسماعيلُ: لأنَّهُ قد وجبَ عليه الدَّمُ، لتعدِّيهِ ما أُمِرَ به، فلا وجهَ لرُجُوعِهِ.

وقال مالكٌ (٢): مَن جاوزَ الميقاتَ مِمَّن يُريدُ الإحرامَ جاهِلًا، فليرجِع إلى الميقاتِ إن لم يخَفِ فواتَ الحجِّ، ولا شيءَ عليه، وإن خافَ فواتَ الحجِّ، أحرمَ من موضِعِهِ، وكان عليه دمٌ، لِما تركَ من الإحرام من الميقاتِ.

وقال الشّافِعيُّ (٣) والأوزاعيُّ وأبو يوسُف ومحمدٌ: إذا رجعَ إلى الميقاتِ، فقد سقطَ عنهُ الدَّمُ، لبَّى، أو لم يُلبِّ.

وقد رُوي عن أبي حنيفةَ، أنَّهُ إن رجعَ إلى الميقاتِ فلبَّى، سقطَ عنهُ الدَّمُ، وإن لم يُلبِّ لم يسقُط عنهُ الدَّمُ. وكلُّهُم يقولُ: إنَّهُ إن لم يرجِعْ وتمادى، فعليه دمٌ (٤).

وللتّابِعينَ في هذه المسألةِ أقاويلُ أيضًا غيرُ هذه، أحدُها: أنَّهُ لا شيءَ على من تركَ الميقاتَ. هذا قولُ عطاءٍ والنَّخَعيِّ.

وقولٌ آخرُ: أنَّهُ لا بُدَّ لهُ أن يرجِعَ إلى الميقاتِ إذا ترَكهُ، فإن لم يَرْجِعْ حتّى قَضَى حجَّهُ، فلا حجَّ لهُ. هذا قولُ سعيدِ بن جُبيرٍ.

وقولٌ آخرُ: وهُو أن يرجِعَ إلى الميقاتِ كلُّ من تَرَكهُ، فإن لم يَفْعلْ حتّى تمَّ حجُّهُ، رجعَ إلى (٥) الميقاتِ وأهلَّ منهُ بعُمرةٍ. رُوي هذا عن الحسن البصريِّ.


(١) انظر: المدونة ١/ ٤٠٢.
(٢) المصدر السابق.
(٣) انظر: الأم ٢/ ١٥١، ٢٤١.
(٤) انظر: الاستذكار ٤/ ٤١. وانظر فيه أيضًا ما بعده.
(٥) من هنا إلى قوله: "الأقاويل الثلاثة" سقط من د ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>