للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورَوَى زُهَيرُ بن محمدٍ، عن زيدِ بن أسلمَ، عن عَبدِ ربِّهِ بن سِيْلانَ، عن أبي هُريرةَ، قال: الكَلْبُ العَقُورُ: الأسَدُ (١).

وأمّا مالكٌ، فذكَرَ رُواةُ "المُوطَّأ" عنهُ في "المُوطَّأ" (٢) أنَّهُ قال: الكلبُ العقُورُ الذي أُمِرَ المُحرِمُ بقتلِهِ: هُو كلّ ما عقَرَ النّاسَ، وعَدا عليهم وأخافَهُم، مِثلَ الأسَدِ، والنَّمِرِ، والفَهْدِ، والذِّئبِ، فهُو الكلبُ العقُورُ. قال: فأمّا ما كان من السِّباع لا تَعْدُوا مِثلَ الضَّبُع والثَّعلبِ وما أشبههُنَّ من السِّباع، فلا يَقْتُلُهُ المُحرِمُ، وإن قَتَلهُ فداهُ. قال مالكٌ: وأمّا ما ضرَّ من الطَّيرِ، فإنَّهُ لا يَقْتُلُهُ المُحرِمُ، إلّا ما سمَّى النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "الغُرابُ، والحِدَأةُ"، وإن قتلَ شيئًا من الطَّيرِ سِواهُما وهُو مُحرِمٌ، فعليه جزاؤُهُ.

قال أبو عُمر: ليسَ هذا البابُ عندَ مالكٍ وأصحابِهِ من بابِ ما يُؤكَلُ عندَهُ من السِّباع، وما لا يُؤكلُ في شيءٍ، وقد ذكَرْنا مذهبَ مالكٍ وغير فيما يُكرَهُ أكلُهُ من السِّباع وما لا يُكرَهُ منها مُستوعبًا في بابِ إسماعيلَ بن أبي حَكيم، من كِتابِنا هذا، فلا وجهَ لإعادةِ ذلك هاهُنا.

وقال ابنُ القاسم: قال مالكٌ (٣): لا بأسَ أن يقتُلَ المُحرِمُ السِّباعَ التي تَعدُو على النّاسِ وتفترِسُ، ابتدأتْهُ، أوِ ابْتَدأها، جائزٌ لهُ قَتْلُها على كلِّ حالٍ، فأمّا صِغارُ أولادِها التي لا تَفْترِسُ، ولا تعدُو على النّاسِ، فلا يَنْبغي للمُحرِم قَتْلُها. قيل لابن القاسم: فهل يَكْرهُ مالكٌ للمُحرِم قتلَ الهِرِّ الوَحْشيِّ، والثَّعلبِ، والضَّبُع؟


(١) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف (٨٣٧٨، ٨٣٧٩)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٢/ ١٦٤، من طريق زيد بن أسلم، به. وعند عبد الرزاق: "عبد الله بن سيلان"، بدل: "عبد ربه بن سيلان". انظر: تهذيب الكمال ١٦/ ٤٧٩.
(٢) أخرجه في الموطأ ١/ ٤٨٠ (١٠٣٠).
(٣) انظر: المدونة ١/ ٤٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>