للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وقد جاءَ في حديثِ عائشةَ: "خمسٌ فواسقُ يُقتَلْنَ في الحِلِّ والحُرْم" (١). فسمّاهُنَّ فُسّاقًا، ووصَفَهُنَّ بأفعالِهِنَّ؛ لأنَّ الفاسِقَ فاعِلٌ، والصِّغارُ لا فِعلَ لهنَّ.

قال: والكلبُ العَقُورُ يعظُمُ ضررُهُ على النّاسِ.

قال: ومن ذلك الحيّةُ والعقربُ؛ لأنَّهُما يُخافُ منهُما.

قال: وكذلك الغُرابُ والحِدَأةُ؛ لأنَّهُما يَخْتطِفان اللَّحمَ من أيدي النّاسِ.

قال: وقدِ اختُلِف في الزُّنبُورِ (٢) فشبَّههُ بعضُهُم بالحيَّةِ والعَقْربِ.

قال: ولولا أنَّ الزُّنبُورَ لا يَبْتدِئُ، لكان أغلظَ على النّاسِ من الحيَّةِ والعَقْربِ، ولكِنَّهُ ليسَ في طبعِهِ من العَداءِ، ما في الحيَّةِ والعقربِ.

قال: وإنَّما يَحْمَى (٣) الزُّنبُورُ إذا أُوذيَ. قال: فإن عرضَ الزُّنبُورُ لإنسانٍ، فدَفعهُ عن نفسِهِ، لم يكُن عليه في قتلِهِ شيءٌ.

قال: وقد جاءَ في الفأر: أنَّها تحرِقُ على النّاسِ بُيُوتَهُم (٤). قال: وقد رآها رسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- تصعَدُ بالفَتِيلةِ إلى السَّقف (٥). فجاءَ فيها النَّصُّ، كما جاءَ في الكلبِ العقُورِ.

قال: ولم يَعْنِ بالكلبِ العقُورِ: هذه الكِلابَ الإنسيَّةَ.

قال: وإنَّما رَخَّصَ (٦) للمُحرِم في قَتْلِ هذه الدَّوابِّ الوَحْشيَّةِ.

قال: وإنَّما عُنِيَ بالكَلْبِ العَقُور (٧)، واللهُ أعلمُ، ما عَدا على النّاسِ وعَقَرهُم.


(١) سيأتي بإسناده، ويخرج في موضعه.
(٢) الزُّنبور، بالضم: ذباب لسّاع، وهو الدبور. انظر: تاج العروس ١١/ ٤٥٣.
(٣) في د ٤: "يُخشى".
(٤) أخرجه مالك في الموطأ ٢/ ٥١٧ (٢٦٨٦) من حديث جابر.
(٥) سلف تخريجه في شرح الحديث المذكور.
(٦) في م: "أرخص".
(٧) قوله: "العقور" لم يرد في د ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>