للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمَرَضٍ، إلّا أنَّ أكثرَ عُلماءِ اللُّغةِ يقولُونَ في هذا الفِعلِ من العدُوِّ: حَصَرهُ العدُوُّ، فهُو محصورٌ، وأحصَرهُ المرضُ، فهُو محُصرٌ.

وأمّا اختِلافُ الفُقهاءِ في هذا المعنى، فقال مالكٌ (١) والشّافِعيُّ (٢) وأصحابُهُما: كلُّهُمُ اتَّفقُوا على أنَّ من أحصَرهُ المرضُ، فلا يُحِلُّهُ إلّا الطَّوافُ بالبيتِ، ومن حُصِرَ بعدُوٍّ، فإنَّهُ يَنْحرُ هَدْيَهُ حَيْثُ حُصرَ، ويتَحلَّلُ وينصرِفُ، ولا قَضاءَ عليه، إلّا أن يكونَ صرُورةً (٣) فيحُجَّ (٤) حجَّةَ الفَريضةِ. ولا خِلافَ بين الشّافِعيِّ ومالكٍ في شيءٍ من ذلك.

واحتجَّ مالكٌ بأنَّ رسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- لم يأمُر أحدًا من أصحابِهِ عامَ الحُديبيةِ بقَضاءِ العُمرةِ التي صُدَّ فيها عن البيتِ.

وقال ابنُ وَهْب وغيرُهُ، عن مالك (٥): من أُحصِرَ بعدُوٍّ، وحِيلَ بينهُ وبينَ البيتِ، حلَّ من كلِّ شيءٍ، ونحَرَ هَدْيهُ، وحلقَ رأسَهُ حَيْثُ حُبِسَ، وليسَ عليه قَضاءٌ، إلّا أن يكونَ لم يحُجَّ حجَّةً (٦) قطُّ، فعليه أن يحُجَّ حجَّةَ الإسلام.

قال: وأمّا من أُحصِرَ بغيرِ عدُوٍّ، فإنَّهُ لا يحِلُّ دُونَ البيت (٧).

قال: وكذلكَ كلُّ من حُبسَ عن الحجِّ بعدما يُحرِمُ، إمّا بمَرضٍ، أو خطأ من العَددِ، أو خَفِيَ عليه الهِلالُ، فهُو محُصَرٌ، عليه ما على المُحصرِ، وكذلك من أصابَهُ كسرٌ، أو بطنٌ مُنْخَرِقٌ (٨).


(١) انظر: المدونة ١/ ٣٩٨.
(٢) انظر: الأم ٢/ ١٧٤، ١٧٨.
(٣) الصرورة: الذي لم يحج. انظر: لسان العرب ٤/ ٤٥٣.
(٤) في م: "فحج".
(٥) انظر: الموطأ ١/ ٤٨٣ - ٤٨٤ (١٠٤٠).
(٦) المصدر لم يرد في د ٤.
(٧) انظر: المدونة ١/ ٣٩٧.
(٨) في م: "متحرق". ومنخرق البطن، من أصابه الإسهال. انظر: مشارق الأنوار للقاضي عياض ١/ ٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>