للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال مالكٌ: أهلُ مكَّةَ في ذلك، كأهلِ الآفاقِ؛ لأنَّ الإحصارَ عندَهُ في المكِّيِّ (١): الحَبْسُ عن عَرَفةَ خاصَّةً.

قال: فإن احتاجَ المُحصَرُ بمرضٍ إلى دواءٍ، تَداوى به وافتَدَى، ويبقَى على إحْرامِهِ لا يحِلُّ من شيءٍ منهُ حتّى يبرَأ من مَرضِهِ، فإذا بَرِئَ من مَرضِهِ، مَضَى إلى البيتِ فطافَ به سبعًا، وسَعَى بين الصَّفا والمروةِ، وحلَّ من حَجِّهِ، أو من عُمْرتِهِ.

قال أبو عُمر: وهذا كلُّهُ قولُ الشّافِعيِّ (٢) أيضًا.

قال مالكٌ (٣): وقد أمرَ عُمرُ بن الخطّابِ أبا أيُّوبَ الأنصاريَّ وهبّارَ بن الأسودِ حينَ فاتهُما الحجُّ، وأتيا يومَ النَّحرِ، أن يحِلّا بعُمرةٍ، ثُمَّ يَرْجِعانِ حَلالينِ، ثُمَّ يحُجّان عامًا قابِلًا، ويُهْديانِ.

قال مالكٌ: فمن لم يجِد هَدْيًا، فصيامُ ثلاثةِ أيام في الحجِّ، وسَبْعةٍ إذا رجعَ إلى أهلِهِ.

قال مالكٌ (٤): وبَلَغني أنَّ رسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- حلَّ هُو وأصْحابُهُ بالحُديبيةِ، فنَحَرُوا الهَدْيَ، وحَلقُوا رُءُوَسهُم، وحَلُّوا من كلِّ شيءٍ قبلَ أن يطُوفُوا بالبيتِ، وقبلَ أن يصِلَ إليه الهديُ. قال: ثُمَّ لم يُعْلَمْ (٥) أنَّ رسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- أمرَ أحدًا من أصْحابِهِ، ولا مِمَّن كان معَهُ، أن يقضُوا شيئًا، ولا يعُودُوا لشيءٍ.

قال مالكٌ (٦): وعلى هذا الأمرُ عندَنا فيمن أُحصِرَ بعدُوٍّ، كما أُحصِرَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- وأصحابُهُ، فأمّا من أُحصِر بغيرِ عدُوٍّ، فإنَّهُ لا يحِلُّ دُونَ البيتِ.


(١) شبه الجملة "في المكي" لم يرد في د ٤.
(٢) انظر: الأم ٢/ ١٧٤، ١٧٨.
(٣) أخرجه في الموطأ ١/ ٤٨٦ - ٤٨٧ (١٠٤٩).
(٤) أخرجه في الموطأ ١/ ٤٨٤ (١٠٤١).
(٥) في م: "نعلم".
(٦) أخرجه في الموطأ ١/ ٤٨٥ (١٠٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>