للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوجَبتُ حجًّا مع عُمْرتي. قال: فانطلَقَ يُهِلُّ بهما جميعًا، حتّى قدِمَ مكَّةَ، فطافَ بالبيتِ، وبينَ الصَّفا والمروةِ، ولم يزِدْ على ذلك، ولم ينحَرْ، ولم يحلق (١)، ولم يُقصِّر، ولم يحِلَّ من شَيءٍ حرَّمَهُ اللهُ عليه، حتّى كان يومُ النَّحرِ، فنحرَ، وحلَقَ، ورأى أنَّهُ قَدْ قَضَى طوافَ الحجِّ والعُمرةِ بطَوافِهِ ذلك الأوَّلِ، ثُمَّ قال: هكذا صنَعَ رسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- (٢).

فعلى هذا، وعلى ما ذكَرْنا عن الصحابةِ في هذا البابِ (٣) من الآثارِ، مذهبُ الحِجازِّيينَ في الإحصارِ.

وذكَرْنا هاهُنا رِوايةَ السَّختيانيِّ، وأيُّوب بن موسى، وإسماعيل بن أُميَّةَ، وعُبيدِ الله بن عُمر، وعبدِ العزيزِ بن أبي روّادٍ، وموسى بن عُقبةَ، عن نافع لهذا الحديثِ؛ لأنَّ في رِوايةِ جَميعِهِم فيه -عن نافع، عن ابن عُمرَ-: أنَّهُ طافَ بالبيتِ، وسَعَى بين الصَّفا والمروةِ وهُو قارِنٌ، ثُمَّ قال: هكذا صنَعَ رسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-.

وليسَ ذلك في رِواية مالكٍ، عن نافع، وهي زيادةُ قوم حُفّاظٍ ثِقاتٍ، وفيها حُجَّة قاطِعة لمالكٍ ومن تابَعهُ، في القارِنِ أنَّهُ لا يطُوفُ إلّا طوافًا واحدًا، ولا يَسْعَى إلّا سعيًا واحدًا، وسَنذكُرُ هذه المسألةَ في مَوْضِعِها من هذا البابِ إن شاءَ الله.

وقال أبو حَنيفةَ: المُحصَرُ بالعدُوِّ والمرَضِ سواءٌ، يَذْبحُ هديَهُ في الحَرم، ويحِلُّ قبلَ (٤) يوم النَّحرِ إن ساق هديًا، وعليه حجَّة وعُمرةٌ (٥). وهُو قولُ الطَّبريِّ.


(١) قوله: "ولم يحلق" سقط من م.
(٢) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار ٢/ ١٥١، ١٩٧، والدارقطني في سننه ٣/ ٢٩٣ (٢٥٩١) من طريق عبد العزيز بن محمد، به. وأخرجه البخاري (١٧٠٨)، وابن خزيمة (٢٧٤٦) من طريق موسى بن عقبة، به.
(٣) في د ٤: "الكتاب".
(٤) في د ٤: "مثل".
(٥) انظر: اختلاف العلماء لمحمد بن نصر، ص ٨٤ - ٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>