للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو يوسُف ومحمدٌ: ليسَ ذلك لهُ، ولا يتحلَّلُ دُونَ يوم النَّحرِ. وهُو قولُ الثَّوريِّ، والحسن بن صالح.

واتَّفق أبو حنيفةَ وأصحابُهُ في المُحصَرِ بعُمرةٍ: أنّهُ يتَحلَّلُ منها مَتَى شاءَ، ويَنْحرُ هَدْيَهُ، سواءٌ بَقِيَ الإحصارُ إلى يوم النَّحرِ، أو زالَ عنهُ. هكذا روى محمدٌ، عن أبي يوسُفَ، عن أبي حَنِيفةَ.

ورَوَى زُفَرُ، عن أبي حَنِيفةَ: أنَّهُ إن بَقِيَ الإحْصارُ إلى يوم النَّحرِ، أجزَأ ذلك عنهُ، وكان عليه قَضاءُ حَجَّةٍ وعُمرةٍ، وإنْ صَحَّ قبلَ فَوْتِ الحجِّ لم يُجزِئهُ ذلك، وكان مُحرِمًا بالحجِّ على حالِهِ. قال: ولو صَحَّ في العُمرةِ بعدَ أن بعثَ بالهَدْي، فإن قدرَ على إدراكِ الهَدْيِ قبلَ أن يذبَحَ، مضَى حتّى يقضيَ عُمرتَهُ، فإن لم يقدِرْ، حلَّ إذا نُحِرَ عنهُ الهَدْيُ.

وقال لسُفيانُ الثَّوريُّ: إذا أُحصِرَ المُحرِمُ بالحجِّ، بعثَ بهديِ فنُحِر عنهُ يوم النَّحرِ، وإن نُحِرَ قبلَ ذلك لم يُجزِئه (١).

وجُملةُ قولِ أصحابِ الرَّأيِ، أنَّهُ إذا أُحصِرَ الرَّجُلُ، بعَثَ بهديِهِ، وواعدَ المبعُوثَ معَهُ يومًا يَذبَحُ فيه، إذا كان ذلك اليومُ، حلقَ -عندَ أبي يوسُف- أو قَصَّر، وحلَّ ورجعَ، فإن كان مُهِلًّا بحَجٍّ، قفَى حجَّةً وعُمرةً؛ لأنَّ إحرامهُ بالحجِّ صارَ عُمرةً، وإن كان قارِنًا، قَضَى حجَّةً وعُمْرتينِ، وإن كان مُهِلًّا بعُمرةٍ، قَضَى عُمرةً، وسواءٌ عندَهُمُ المُحصَرُ بالعدُوِّ، والمرَض (٢).

وذكَرَ الجُوزْجانيُّ (٣)، عن محمدِ بن الحسنِ، قال: قال أبو حنيفةَ، وأبو


(١) انظر: أحكام القرآن للجصاص ١/ ٣٤٢.
(٢) انظر: أحكام القرآن للجصاص ٢/ ٢٤٦، والمبسوط للسرخسي ٤/ ١٠٨.
(٣) في م: "الجوزاني"، محرّف، وهو: إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق السعدي، أبو إسحاق الجُوزجاني. تهذيب الكمال ٢/ ٢٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>