للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا تمتُّع لا قِرانٌ؛ لأنَّهُم حجُّوا يَومئذٍ بعدَ ذلك، والطَّوافُ للحَجِّ بعد ذلك إنَّما يكون طوافًا واحدًا.

ودَفعُوهُ أيضًا بأنَّ جعفرَ بن محمدٍ رَوَى، عن أبيهِ، عن جابرٍ: أنَّ رسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- أفردَ الحجَّ (١). قالوا: فكيف يُقبَلُ حديثُ حجّاج بن أرطاةَ، عن أبي الزُّبيرِ، عن جابرٍ: أنَّ رسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قرَنَ بين الحجِّ والعُمرةِ، وطاف لهما طوافًا واحدًا، والحجّاجُ ضعيفٌ عندَهُم ليس بحُجَّةٍ؟

ودفعُوا أيضًا حديثَ الحجّاج، عن أبي الزُّبيرِ، عن جابرٍ، بأنْ قالوا: رواهُ ابنُ جُرَيج، عن أبي الزُّبيرِ، عن جابرٍ، قال: لم يَطُفِ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أصحابُهُ بينَ الصَّفا والمروةِ إلّا طوافًا واحدًا (٢). قالوا: وإنَّما معنى هذا، أنَّ السَّعيَ بين الصَّفا والمروةِ لا يُصنَعُ إلّا في طوافِ القُدُوم خاصَّةً مرَّةً واحدةً.

واعتَلُّوا في حديثِ الدَّراوَرْديِّ، عن عُبيدِ الله بن عُمرَ، عن نافع، عن ابن عُمر، بأن قالوا: أخطأ فيه الدَّراوَرْديُّ؛ لأنَّ الجماعةَ رَوَوهُ عن عُبيدِ الله بن عُمرَ، عن نافع، عن ابن عُمرَ قولَهُ، ولم يرفعُوهُ (٣).

قالوا: وأمّا قولُ ابن عُمرَ حينَ طاف طوافًا واحدًا، وقال: هكذا صنَعَ رسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، فإنَّهُ أرادَ: هكذا صنَعَ رسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- في حجَّتِهِ، طوافًا واحدًا بعدَ رُجُوعِهِ من مِنًى، ورَمْي الجَمْرةِ؛ لأنَّهُ كان في حَجَّتِهِ مُتمتِّعًا عندَ ابن عُمرَ،


(١) أخرجه ابن ماجة (٢٩٦٦) من طريق جعفر بن محمد، به. وانظر: المسند الجامع ٤/ ٧٢ (٢٤٦٢).
(٢) أخرجه أحمد في مسنده ٢٢/ ٣٠٦ (١٤٤١٤)، ومسلم (١٢١٥)، وأبو داود (١٨٩٥)، والنسائي في المجتبى ٥/ ٢٤٤، وفي الكبرى ٤/ ٢٢٠ (٤١٦٢)، وأبو يعلى (٢٠١٢)، وابن الجارود في المنتقى (٤٥٩)، وأبو عوانة (٣٣١٦)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٢/ ٢٠٤، وابن حبان ٩/ ٢٢٣ (٣٩١٤)، والدارقطني في سننه ٣/ ٢٩٧ (٢٦٠٢) من طريق ابن جريج، به. وانظر: المسند الجامع ٤/ ٥٥ - ٥٦ (٢٤٣٢).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (١٥٣٦٣) من طريق ابن نمير. والطحاوي في شرح معاني الآثار ٢/ ١٩٧، من طريق هشيم، كلاهما عن عبيد الله بن عمر، به موقوفًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>