للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل لهم: لمّا اضطربتِ الآثارُ عنهُ في ذلك قضَيْنا (١) برِوايةِ جابر (٢)، وعائشةَ (٣) أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- أفرَدَ الحجَّ، وتركنا ما سوَى ذلك.

فإن ذكرُوا أنَّ عليَّ بن أبي طالبٍ وعبدَ الله بن مسعُودٍ كانا يقولانِ: القارِنُ يطُوفُ طَوافينِ، وَيسْعَى سَعْيين (٤). قيل لهم (٥): قد خالَفهُما ابنُ عُمر، وجابرٌ، وابنُ عبّاسٍ، وعائشةُ، فوجبَ النَّظرُ.

فإن ذكَرُوا ما رواهُ الحكمُ، عن ابن أبي ليلى، عن عليٍّ، قال: أهلَّ رسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بعُمْرةٍ وحَجَّةٍ، فطافَ بالبيتِ لعُمرتِهِ، ثُمَّ عادَ فطافَ لحَجَّتِه (٦) (٧). قيل لهم: هذا حديثٌ مُنكرٌ، إنَّما رواهُ الحسنُ بن عُمارةَ، عن الحَكَم، فرَفَعهُ. والحسنُ بن عُمارةَ مترُوكُ الحديثِ لا يُحتجُّ بمِثلِهِ.

ومِن جِهَةِ النَظرِ، قد أجمعُوا أنَّ المُحرِمَ إذا قتَلَ الصَّيدَ في الحرَم، لم يجِب عليه إلّا جزاءٌ واحدٌ. وهُو قدِ اجتمَعَ عليه حُرْمتانِ: حُرمةُ الإحرام، وحُرمةُ الحَرَم، فكذلك الطوافُ للقارِنِ.

وكذلك أجمعُوا أنَّ القارِنَ يحِلُّ بحَلْقٍ واحدٍ، فكذلك الطَّوافُ أيضًا قياسًا، والله أعلمُ.


(١) في م: "قضيا"، ولا يسوغ مع قوله تاليًا: "وتركنا".
(٢) سلف تخريجه قريبًا.
(٣) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٤٥١ (٩٤٣، ٩٤٤).
(٤) سلف ذكرهما قريبًا.
(٥) في الأصل: "لهما" كأنه سبق قلم.
(٦) في الأصل، م: "بحجته".
(٧) أخرجه العقيلي ١/ ٢٣٨، والدارقطني في سننه ٣/ ٣٠٦ (٢٦٢٩) من طريق الحسن بن عمارة، عن الحسن، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>