للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال إسماعيلُ بن أُميَّةَ، وليثُ بن أبي سُليم، عن نافع، عن ابن عُمرَ، قال: قال رسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تُسافِرُوا بالقُرآن إلى أرضِ العدُوِّ، فإنِّي أخافُ أن ينالَهُ العدُوُّ" (١).

وكذلكَ قال شُعبةُ، عن أيُّوبَ، عن نافع، عن ابن عُمرَ، عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- (٢). وهُو صحيحٌ مرفُوعٌ.

وأجمَعَ الفُقهاءُ أنْ لا يُسافَرَ بالقُرآن إلى أرضِ العدُوِّ في السَّرايا والعَسْكرِ الصَّغيرِ المَخُوفِ عليه.

واختلفُوا في جَوازِ ذلك في العَسْكرِ الكبيرِ المأمُونِ عليه (٣).

فقال مالكٌ: لا يُسافَرُ بالقُرآن إلى أرضِ العدُوِّ. ولم يُفرِّق بين العَسْكرِ الكبيرِ والصَّغيرِ.

وقال أبو حَنيفةَ: يُكرَهُ أن يُسافَرَ بالقُرآن إلى أرضِ العدُوِّ، إلّا في العَسْكرِ العَظيم، فإنَّهُ لا بأسَ بذلك.

واختلفُوا من هذا البابِ في تَعْليم الكافِرِ القُرآنَ.

فمذهبُ أبي حنيفةَ: أنَّهُ لا بأسَ بتعليم الحربيِّ والذِّمِّيِّ القُرآنَ والفِقهَ.

وقال مالكٌ: لا يُعلَّمُوا القُرآنَ، ولا الكِتابَ. وكرِهَ رُقيةَ أهلِ الكِتابِ.

وعن الشّافِعيِّ رِوايتانِ، إحداهُما: الكَراهةُ، والأُخرى: الجَوازُ.


(١) أخرجه الطحاوي في شرح مشكل الآثار ٥/ ١٦٥ (١٩١٠, ١٩١١) من طريق إسماعيل وليث، به. وأخرجه ابن أبي داود في المصاحف، ص ١٨٢، من طريق ليث وحده، به.
(٢) أخرجه أبو عوانة (٣٩٧٦، ٧٢٣٨)، والبغوي في الجعديات (١١٩٠)، والطحاوي في شرح مشكل الآئار ٥/ ١٦٢ (١٩٠٦)، والخطيب في تاريخ مدينة السلام ٢/ ٢٨٥، من طريق شعبة، به.
(٣) انظر: الإشراف ٤/ ١٤٧، ومختصر اختلاف العلماء ٣/ ٤٣٥، وشرح مختصر الطحاوي ٧/ ١٩٠. وانظر: فتح الباري للحافظ ابن حجر ٦/ ١٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>