للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبحديثِ ابن عُمرَ هذا المذكُورِ في هذا البابِ وما كان مِثلَهُ، مِثلُ حديثِ أبي موسى هذا وشِبهِهِ في صلاةِ الخوفِ، قال جماعةٌ من أهلِ العِلم، منهُم: الأوزاعيُّ، وإليه ذهَبَ أشهبُ بن عبدِ العزيزِ صاحِبُ مالكٍ.

وأمّا مالكٌ وسائرُ أصحابِهِ غيرَ أشهبَ، فإنَّهُم كانوا يَذْهبُونَ في صَلاةِ الخوفِ إلى حَديثِ سَهْلِ بن أبي حَثْمَةَ، وهُو ما رواهُ مالكٌ (١)، عن يحيى بن سَعيدٍ، عن القاسم بن محمدٍ، عن صالح بن خَوّاتٍ الأنصاريِّ، أنَّ سهلَ بنَ أبي حثمةَ حدَّثهُ: أنَّ صَلاةَ الخوفِ: أن يقومَ الإمامُ ومعَهُ طائفةٌ من أصحابِهِ، وطائفةٌ مُواجِهة العَدُوَّ، فيَرْكعُ الإمامُ رَكْعةً، ويسجُدُ بالذين معَهُ، ثُمَّ يقومُ، فإذا اسْتَوَى قائمًا ثَبَت (٢) وأتمُّوا لأنفُسِهِمُ الرَّكعةَ الباقيةَ، ثُمَّ سلَّمُوا وانصرفُوا والإمامُ قائمٌ، فكانوا وِجاهَ العدُوِّ، ثُمَّ يكبِلُ الآخرُونَ الذين لم يُصلُّوا فيُكبِّرُونَ وراءَ الإمامَ، فيَرْكعُ (٣) بهم، وَيسْجُدُ، ثُمَّ يُسلِّمُ، فيقومُونَ، فيَرْكعُونَ لأنفُسِهِمُ الرَّكعةَ الباقيةَ ويُسلِّمُونَ.

وقال ابنُ القاسم وابنُ وَهْب وأشهبُ وغيرُهم، عن مالكٍ: أَنَّهُ سُئلَ فقيل لهُ: أيُّ الحديثين أحبُّ إليكَ أن يُعمَلَ به، حديثُ صالح بن خَوّاتٍ، أو حديثُ سهلِ بن أبي حَثْمةَ؟ فقال: أحبُّ إليَّ أن يُعمَلَ بحديثِ سهلِ بن أبي حَثْمةَ، يقومُونَ بعد سلام الإمام فتقْضُون الرَّكعةَ التي عليهم، ثُمَّ يُسلِّمُونَ لأنفُسِهِم.

وقال ابنُ القاسم: العملُ عندَ مالكٍ في صَلاةِ الخوفِ، على حديثِ القاسم بن محمدٍ، عن صالح بن خوّاتٍ. قال: وقد كان مالكٌ يقولُ بحديثِ يزيدَ بن رُومانَ، ثُمَّ رَجَع إلى هذا (٤).


(١) أخرجه في الموطأ ١/ ٢٥٧ (٥٠٤).
(٢) في م: "وثبت".
(٣) في م: "يركع".
(٤) انظر: المدونة ١/ ٢٤١، ومختصر اختلاف العلماء ١/ ٣٦٨، وشرح مختصر الطحاوي ٢/ ١٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>