للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: حديثُ القاسم، وحديثُ يزيدَ بن رُومانَ، كِلاهُما عن صالح بن خوّاتٍ. إلّا أنَّ بينهُما فَصْلًا في السَّلام، ففي حديثِ القاسم: أنَّ الإمامَ يُسلِّمُ بالطّائفةِ الثّانيةِ، ثُمَّ يقومُونَ فيقضُونَ الرَّكعةَ. وفي حديثِ يزيدَ بن رُومانَ: أنَّهُ ينتظِرُهُم، ويُسلِّمُ بهم.

وقد تقدَّم في هذا البابِ حديثُ القاسم، من رِوايةِ مالكٍ، عن يحيى بن سعيدٍ، عن القاسم (١).

وأمّا حديثُ يزيدَ بن رُومانَ، فذكَرهُ أيضًا في "المُوطَّأ" (٢) مالكٌ، عن يزيدَ بن رُومانَ، عن صالح بن خوّاتٍ، عمَّن صلَّى مع النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- صَلاةَ الخَوْفِ يومَ ذاتِ الرِّقاع: أنَّ طائفةً صفَّتْ (٣) معَهُ، وطائفةً وِجاهَ العدُوِّ، فصلَّى بالذين معَهُ ركعةً، ثُمَّ ثبتَ قائمًا، وأتمُّوا لأنفُسِهِم، ثُمَّ جاءَتِ الطّائفةُ الأُخرى فصلَّى بهم، ثُمَّ ثبتَ جالِسًا فأتمُّوا لأنفُسِهِم، ثُمَّ سلَّمَ بهم.

وبهذا الحديثِ، قال الشّافِعيُّ وإليه ذهبَ.

قال الشّافِعيُّ (٤): حديثُ صالح بن خوّاتٍ هذا أشبَهُ الأحاديثِ في صَلاةِ الخَوْفِ بظاهِرِ كِتابِ الله عزَّ وجلَّ، وبه أقول.

ومن حُجَّتِهِ: أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ ذكَرَ استِفتاحَ الإمام ببَعضِهِم، لقولِهِ: {فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ}، ثُمَّ قال: {فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ} [النساء: ١٠٢].


(١) الموطأ ١/ ٢٥٧ (٥٠٤).
(٢) الموطأ ٢/ ١٥٦ (٥٠٣).
(٣) في د ٤، م: "صلت".
(٤) انظر: الأم ١/ ٢٤٣ و ٧/ ٢٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>