للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجهٌ خامِسٌ، وهُو حديثُ حُذَيفةَ، وما كان مِثلَهُ، على ما قد مَضَى في هذا البابِ ذِكرُهُ، وهُو أحدُ الأوجُهِ الثَّلاثةِ التي خيَّر الثَّوريُّ رحِمهُ اللهُ في العَملِ بها في صلاةِ الخوفِ.

ومِن حُجَّةِ من قال: بهذا الوجهِ، ما رواهُ بُكَيرُ بن الأخنسِ، عن مجُاهِدٍ،

عن ابن عبّاسٍ، قال: فرضَ اللهُ عزَّ وجلَّ الصلاةَ على لِسانِ نبيِّكُم -صلى الله عليه وسلم- في الحَضَرِ أربعًا، وفي السَّفرِ رَكْعتينِ، وفي الخَوْفِ رَكْعةً (١).

وزعَمَ بعضُ من قال بهذا (٢) الوجه من الفُقهاءِ: أنَّ للقَصرِ في الخَوفِ خُصُوصًا، ليسَ في غَيرِ الخوفِ، لقولِ الله عزَّ وجلَّ: {إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُو} [النساء: ١٠١].

قالوا: فيَنْبغي أن تكونَ الصلاةُ في السَّفرِ بشَرْطِ الخَوْفِ، خِلافَ الصلاةِ في السَّفرِ في حالِ الأمنِ.

وذكرُوا عن جماعةٍ من الصَّحابةِ، منهُم: ابنُ عبّاسٍ، وزيدُ بن ثابتٍ، وجابرُ بن عبدِ الله، أنَّهُم قالوا: الصَّلاةُ في الحَضَرِ أربعٌ، وفي السَّفرِ رَكْعتانِ، وفي الخوفِ رَكْعةٌ. قالوا: ولو كان القَصْرُ في حالِ الأمنِ وحالِ الخَوْفِ سواءً، ما كان لقولِهِ: {إِنْ خِفْتُمْ} معنًى، وقد جلَّ اللهُ عزَّ وجلَّ عن ذلك.


(١) أخرجه أحمد في مسنده ٤/ ٢٨، ٦٦، ١٤٤ (٢١٢٤، ٢١٧٧، ٢٢٩٣)، والبخاري في جزء القراءة خلف الإمام (٢٢٦)، ومسلم (٦٨٧) (٥، ٦)، وأبو داود (١٢٤٧)، والبزار في مسنده ١١/ ١٨٣ (٤٩٢٥)، والنسائي في المجتبى ١/ ٢٢٦، و ٣/ ١١٨، ١٦٨، وفي الكبرى ١/ ٢٠١، ٢٧٨، ٢٨١ (٣١٤، ٥١٤، ٥٢٣)، وأبو يعلى (٢٣٤٦)، وابن خزيمة (٣٠٤، ٩٤٣، ١٣٤٦)، وأبو عوانة (١٣٣٣، ٢٣٣٣، ٢٣٣٤)، وابن حبان ٧/ ١١٩ (٢٨٦٨)، والطبراني في الكبير ١١/ ٦٠، ٩٥ (١١٠٤١)، والبيهقي في الكبرى ٣/ ١٣٥، من طريق بكير بن الأخنس، به. وانظر: المسند الجامع ٨/ ٤٥٢ (٦٠٥٩).
(٢) في الأصل، م: "هذا".

<<  <  ج: ص:  >  >>