للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والوَجْهُ المُختارُ في هذا البابِ، على أنَّهُ لا يَحْرَجُ (١) عِندي من صلَّى بغير (٢) مِمّا قد ثبتَ عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: هو الوَجْهُ المذكُورُ في حديثِ ابن عُمرَ، حديثِ هذا البابِ، وما كان مِثلَهُ؛ لأنَّهُ وردَ بنقلِ أئمَّةِ أهلِ المدينةِ، وهُمُ الحُجَّةُ على من خالَفهُم، ولأنَّهُ أشبهُ بالأُصُولِ، لأنَّ الطّائفةَ الأُولى والثّانيةَ لم يَقْضوا الرَّكعةَ، إلّا بعد خُرُوج رسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- من الصَّلاةِ، وهُو المعرُوفُ من سنُتَّهِ (٣) المُجتَمع عليها في سائرِ الصَّلواتِ.

وأمّا صَلاةُ الطّائفةِ الأُولى رَكْعتَها قبلَ أن يُصلِّيَها إمامُها، فهُو مخُالِفٌ للسُّنَّةِ المُجتَمع عليها في سائرِ الصَّلواتِ، ومخُالِفٌ لقولِهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّما جُعِلَ الإمامُ ليُؤتمَّ به" (٤).

وقد رَوَى الثِّقاتُ حديثَ صالح بن خوّاتٍ، عن سَهْلِ بن أبي حَثْمةَ، على مِثلِ معنَى حديثِ ابن عُمرَ، فصارَ حديثُ سهلٍ مخُتلَفًا فيه، ولم يُختلَف في حديثِ ابن عُمرَ، إلّا ما جاءَ من شكِّ مالكٍ رحِمهُ الله في رَفْعِهِ، وقد رَفَعهُ من غير شكٍّ جماعةٌ عن نافع، ورَفَعهُ الزُّهريُّ، عن سالم، والشَّكُّ لا يُلتَفتُ إليه، والتقِينُ معمُولٌ عليه.

أخبرنا عبدُ الله بن محمدٍ، قال: حدَّثنا ابنُ السَّكنِ، قال: حدَّثنا محمدٌ، قال: حدَّثنا البُخاريُّ، قال (٥): حدَّثنا أبو اليمانِ، قال: أخبرنا شُعَيبٌ، عن الزُّهريِّ: أنَّهُ


(١) في د ٤، ف ٣، م: "يخرج".
(٢) في م: "لغيره".
(٣) في م: "السنة".
(٤) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ١٩٦ (٣٥٨، ٣٥٩) من حديث أنس، وعائشة.
(٥) في صحيحه (٩٤٢). ومن طريقه أخرجه البغوي في شرح السنة (٣٧٩٩). وأخرجه أحمد في مسنده ١٠/ ٤٤٣ (٦٣٧٨)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ٣١٢، والبيهقي في الكبرى ٣/ ٢٦٠، من طريق أبي اليمان، به. وأخرجه النسائي في المجتبى ٣/ ١٧١، وفي الكبرى ٢/ ٣٦٩ (١٩٤٢) من طريق شعيب، به. وانظر: المسند الجامع ١٠/ ١٨٠ - ١٨١ (٧٣٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>