سألَهُ: هل صلَّى النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- صَلاةَ الخَوْفِ؟ فقال: أخبرنا سالمٌ، أنَّ عبدَ الله بن عُمرَ قال: غَزَوتُ مع رسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- قِبَلَ نَجْدٍ فوازينا العدُوَّ، فصفَفْنا لهم، فقامَ رسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يُصلِّي لنا، فقامَتْ طائفة معهُ، وأقبَلَتْ طائفةٌ على العدُوِّ، فركَعَ رسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بمَنْ معَهُ رَكْعةً وسجَدَ سَجْدتينِ، ثُمَّ انْصَرفُوا مكان الطّائفةِ التي لم تُصلِّ، فجاؤُوا فركَعَ رسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بهم رَكْعةً، وسَجْدتينِ، ثُمَّ سلَّمَ، فقامَ كلّ واحدٍ منهُم فركَعَ لنفسِهِ رَكْعةً، وسجَدَ سَجْدتينِ.
وأمّا الرِّوايةُ التي جاءَت في حَديثِ سَهْلِ بن أبي حَثْمةَ بنحوِ حَديثِ ابن عُمرَ؛ فحدَّثنا محمدُ بن إبراهيمَ، قال: حدَّثنا محمدُ بن مُعاويةَ، قال: حدَّثنا أحمدُ بن شُعَيب، قال (١): أخبرنا عَمرُو بن عليٍّ، قال: حدَّثنا يحيى، يعني القطّانَ، قال: حدَّثنا شُعبَةُ، عن عبدِ الرَّحمن بن القاسم، عن أبيهِ، عن صالح بن خوّاتٍ، عن سَهْلِ بن أبي حَثْمةَ: أنَّ رسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- صلَّى بهم صَلاةَ الخَوْفِ، فصفَّ صفًّا خلفهُ، وصفًّا مُصافِّي العدُوِّ، فصلَّى بهم ركعةً، ثُمَّ ذهَبَ هؤُلاءِ، وجاءَ أُولئكَ، فصلَّى بهم رَكْعةً، ثُمَّ قامُوا فقَضوا رَكْعةً رَكْعةً.
فإن قيلَ: إنَّ يحيى القطّانَ قد خُولِفَ عن شُعبةَ في ذلك.
فالجوابُ، أنَّ الذي خالَفهُ، لا يُقاسُ به حِفظًا وإتقانًا وإمامَةً في الحديثِ.
وما اختَرْناهُ في هذا البابِ، فهُو اختيارُ أشهبَ، وإليه ذهَبَ الأوزاعيُّ، وقال به بعضُ أصحابِ داود.
والحُجَّةُ في اختيارِنا هذا الوجْهَ من بين سائرِ الوُجُوهِ المرويَّةِ في صلاةِ الخَوْفِ، أنَّهُ أصحُّها إسنادًا، وأشبهُها بالأُصُولِ المُجتَمع عليها.
(١) أخرجه في الكبرى ٢/ ٣٦٧ (١٩٣٧)، وهو في المجتبى ٣/ ١٧٠، وقد سلف تخريجه في هذا الباب.