للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الشّافِعيُّ (١): لا بأسَ أن يضرِبَ في الصَّلاةِ الضَّربةَ، ويطعَنَ الطَّعنةَ، وإن تابَع الضَّربَ، أوِ الطَّعنَ، أو عمِلَ عملًا، بَطَلت صلاتُهُ (٢).

واسْتَحبَّ الشّافِعيُّ أن يأخُذَ المُصلِّي سِلاحَهُ في الصَّلاةِ، ما لم يكُن نَجِسًا، أو يَمنَعْهُ من الصَّلاةِ، أو يُؤْذِ أحدًا. قال: ولا يأخُذُ الرُّمح، إلّا أن يكون في حاشِيةِ النّاسِ.

وأكثرُ أهلِ العِلم يَسْتحِبُّون للمُصلِّي أخذَ سِلاحِهِ، إذا صلَّى في الخَوْفِ، ويحمِلُونَ قولهُ: {وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ} [النساء: ١٠٢] على النَّدبِ، لأنَّهُ شيءٌ لولا الخوفُ، لم يجِب أخذُهُ، فكان الأمرُ به ندبًا.

وقال أهلُ الظّاهِرِ: أخذُ السِّلاح في صَلاةِ الخوفِ واجِبٌ، لأمرِ الله به، إلّا لمن كان به أذًى من مَطرٍ، أو مَرَضٍ، فإن كان ذلك، جازَ لهُ وضعُ سِلاحِهِ.

قال أبو عُمر: الحالُ التي يجُوزُ فيها للخائفِ أن يُصلِّي راكِبًا وراجِلًا، مُستقبِلَ القِبلةِ وغيرَ مُسْتقبِلِها، هي حالُ شدَّةِ الخوفِ، والحالُ الأُولى التي وَرَدتِ الآثارُ فيها هي غيرُ هذه الحال، وأحسنُ النّاسِ صِفةً للحالينِ جميعًا من الفُقهاءِ: الشّافِعيُّ رحِمهُ الله.

ونحنُ نذكُرُ هاهُنا قولهُ في ذلك، لنُبيِّن به المُرادَ من الحديثِ، وبالله التَّوفيقُ (٣).

قال الشّافِعيُّ: لا يجُوزُ لأحَدٍ أن يُصلِّي صَلاةَ الخَوْفِ، إلّا بأن يُعايِنَ عدُوًّا قريبًا غيرَ مأمُونٍ أن يحمِلَ عليه من مَوْضِع يراهُ، أو يأتيهُ من يُصدِّقُهُ بمِثلِ


(١) انظر: الأم ١/ ٢٥٥، والإشراف لابن المنذر ٢/ ٢٢٤. وانظر فيهما ما بعده.
(٢) هكذا في النسخ، وفي الأم: "أو عمل ما يطول، فلا يجزئه صلاته".
(٣) في د ٤: "وبالله العون".

<<  <  ج: ص:  >  >>