للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا (١) إذا تعارَضَتِ الآثارُ في مَحظُورٍ ومُباح، ولم يَقُم دليلٌ على نَسْخ شيءٍ منها، ولم يُمكِن ترتيبُ بَعضِها على بعضٍ، فكيفَ والأحاديثُ في القِرانِ والإفْرادِ، والتَّمتُّع، لم تَخْتَلِف إلّا في وُجُوهٍ مُباحةٍ كلُّها، لا يختلِفُ العُلماءُ في ذلك، ولا أحدٌ من الأُمَّةِ، بأنَّ الإفرادَ والتَّمتُّعَ والقِرانَ، كلَّ ذلك مُباحٌ، بالسُّنَّةِ الثّابِتةِ المُتواتِرةِ النَّقل، وبإجماع العُلماءِ.

وإنَّما اختَلَفتِ الآثارُ، واختَلَف العُلماءُ، فيما كان به رسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- مُحُرِمًا في خاصَّةِ نَفسِهِ، وهذا لا يضُرُّ جهلُهُ، لِما وَصَفنا.

ولمّا لم يكُن لأحَدٍ من العُلماءِ سبيلٌ إلى الأخَذِ بكلِّ ما تعارَضَ وتدافَعَ من الآثارِ في هذا البابِ، ولم يكُن بُدٌّ من المصيرِ إلى وجهٍ واحدٍ (٢) منها، صارَ كلُّ واحدٍ منهُم إلى الأصحِّ عندَهُ، بمبلغ اجتِهادِهِ.

فصارَ مالكٌ إلى تَفْضيلِ الإفْرادِ على التَّمتُّع، وعلى القِرانَ، لوُجُوهٍ:

منها: أنَّهُ روَى ذلك أيضًا (٣) عن عائشةَ من وُجُوه (٤). فكانت تِلك الوُجُوهُ أولَى عندَهُ من حديثِ حَفْصةَ هذا.

ومنها (٥): أنَّهُ الثّابِتُ في حَديثِ جابرٍ، عن النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- (٦).

ومنها: أنَّهُ اختيارُ أبي بكرٍ، وعُمرَ، وعُثمانَ.


(١) من هنا إلى قوله: "ولما لم يكن لأحد من العلماء ... " لم يرد في د ٤.
(٢) قوله: "واحد" سقط من د ٤.
(٣) في د ٤: "نصًّا".
(٤) أخرجه في الموطأ ١/ ٤٥١ (٩٤٣، ٩٤٤).
(٥) هذا السطر لم يرد في د ٤.
(٦) أخرجه في الموطأ ١/ ٤٨٩ (١٠٥٧). وهو حديث جابر بخبر حجته -صلى الله عليه وسلم-، واقتصر على طرف منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>