للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمدٍ المحاربيُّ، عن عبدِ الواحدِ بنِ أيمن (١)، عن أبيه، قال: قلتُ لجابرِ بنِ عبدِ اللَّه: حدِّثْنا بحديثٍ سمِعْتَه من رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أرْوِيه عنك. قال: فقال جابر: كنّا مع رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يومَ الخندقِ نَحْفِرُه، فلَبِثْنا ثلاثةَ أيّام لا نَطعَمُ طعامًا، ولا نَقْدِرُ عليه، فعَرضَتْ في الخندقِ كُدْيَةٌ (٢)، فجئتُ إلى رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقلتُ: يا رسولَ اللَّه، هذه كُدْيَةٌ قد عرَضَتْ في الخندق. فرَشَشْنا عليها الماءَ. فقام رسولُ اللَّه وبَطنُه مَعْصوبٌ بحَجَر، فأخَذ المِعْوَلَ أو المِسْحاة، ثم سمَّى ثلاثًا، ثم ضرَب، فعادَتْ كَثيبًا أَهْيَلَ (٣)، فلمّا رأيتُ ذلك من رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قلتُ: يا رسولَ اللَّه، ائذَنْ لي. فأذِنَ لي، فجِئْتُ امرأتي، فقلتُ: ثكِلتْكِ أُمُّكِ، إنِّي قد رأيْتُ من رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- شيئًا لا صبرَ لي (٤) عليه، فما عندكِ؟ قالت: عندي صاعٌ من شعيرٍ وعَناقٌ (٥). قال: فطحَنّا الشَّعيرَ، وذبَحْنا العَناقَ وأصلَحْناها، وجعَلْناها في البُرْمَة (٦)، وعجَنتِ الشعيرَ، فرجَعْتُ إلى رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلبِثْتُ ساعةً، ثم اسْتأذنْتُ الثانية، فأذِنَ لي، فجِئْتُ فإذا العَجِينُ قد أمكَن، فأمَرْتُها بالخبز، وجعَلَتِ القِدْرَ على الأثافيّ (٧)، ثم


(١) في ف ١: "أنس"، خطأ، وهو من رجال التهذيب ١٨/ ٤٤٦.
(٢) الكُدْية: قطعة غليظة صُلْبة يشُقُّ حَفْرُها، ولا تعمل بها الفأس. ينظر: المشارق للقاضي عياض ١/ ٣٣٤، والنهاية في غريب الحديث ٤/ ١٥٦.
(٣) قوله: "كثيبًا أهْيَلَ" أي: سيّالًا ككثيب الرَّمْل. يقال: تهيّل الرمْلُ وانهال: إذا سأل. المشارق للقاضي عياض ٢/ ٢٧٤.
(٤) في ف ١: "لا أصبر".
(٥) قوله: "وعناق" سقط من م، والعَناق: هي الأنثى من المعز ما لم يتِمَّ له سنة. النهاية في غريب الحديث ٣/ ٣١١.
(٦) البُرْمة: القِدْر مطلقًا، وجمعُها بِرام، وهي في الأصل المتَّخذة من الحجر المعروف بالحجاز واليمن. النهاية في غريب الحديث ١/ ١٢١.
(٧) الأثافيّ: جمع أُثْفِيّة، وهي تُخفَّف الياء في الجمع: وهي الحجارة التي تُنصَب وتُجعل القِدْرُ عليها. النهاية في غريب الحديث ١/ ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>