للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جئتُ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فسارَرْتُه فقلتُ: يا رسولَ اللَّه، إنَّ عندَنا طُعَيِّمًا (١) لنا، فإنْ رأيتَ أن تقومَ معي أنت ورجلٌ أو رجلانِ معك فعلْتَ؟ فقال: "ما هو؟ وكم هو؟ ". فقلتُ: صاعٌ من شعيرٍ وعَناقٌ. قال: "ارجِعْ إلي أهْلِك، فقلْ لها: لا تَنزع القِدْرَ من الأثافيّ، ولا تُخرِج الخُبزَ من التَّنُّورِ حتى آتِي". ثم قال للناس: "قوموا إلى بيتِ جابر". فاستَحْيَيْتُ حياءً لا يَعلَمُه إلّا اللَّه. فقلتُ لامرأتي: ثكِلَتْكِ أُمُّكِ، قد جاء رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بأصحابِه أجمعين. فقالت: أكان رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سألَكَ كم الطَّعام؟؛ قلتُ: نعم. فقالت: اللَّهُ ورسولُه أعلمُ، قد أخبَرتَه بما كان عندَنا. قال: فذهَب عنِّي بعضُ ما أجِدُ، وقلتُ: لقد صَدَقْتِ.

قال: فجاء رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فدخَل، وقال لأصحابه: "لا تَضاغَطوا". قال: ثم برَّك على التَّنُّورِ وعلى البُرْمَة، فجعَلْنا نأخُذُ من التَّنُّورِ الخبزَ، ونأخُذُ اللحمَ من البُرْمَة، فنَثْرُدُ ونَغْرِفُ ونُقَرِّبُ إليهم، وقال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لِيَجلِسْ على الصَّحْفةِ سبعةٌ أو ثمانيةٌ". فلمّا أكَلوا، كشَفنا التَّنُّورَ والبُرْمَة، فإذا هُما قد عادا إلى أملأِ ما كانا، فنَثْرُدُ ونَغْرِفُ ونُقَرِّبُ إليهم، فلم يَزَل ذلك، كلَّما فتَحْنا عن التَّنُّورِ وكشَفْنا عن البُرْمَة، وجَدْناهما أملأ ما كانا، حتى شَبِع المسلمون كلُّهم، وبقيَ طائفةٌ من الطعام، فقال لنا رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّ الناسَ قد أصابَتْهم مَخْمَصَةٌ، فكُلوا وأطْعِموا". قال: فلم نَزَلْ يومَنا نَأكُلُ ونُطْعِمُ. قال: وأخبرني جابرٌ أنَّهم كانوا ثمانَ مئةٍ، أو ثلاثَ مئةٍ. شَكَّ أيمنُ.

حدَّثنا خلفُ بنُ قاسم الحافظُ، قال: حدَّثنا عبدُ اللَّه بنُ محمدِ بنِ ناصحٍ (٢) المفسِّرُ، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ عليِّ بنِ سعيد، قال: حدَّثنا يحيى بنُ مَعين، قال: حدَّثنا عبدُ الأعلى بنُ عبدِ الأعلى، عن سعيدٍ الجُرَيْريِّ، عن أبي الورد، عن


(١) في الأصل: "طعامًا"، والمثبت من ف ١.
(٢) في ف ١: "وضاح"، محرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>