للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرطِ؛ لأنَّهُ يحتَمِلُ أن يكونَ البيعُ لم يَنْعقِد، على ظاهِرِ هذا الحديثِ، والله أعلمُ. ولعلَّهُ انعقَدَ على ما يجِبُ في ذلك، بتَرْكِ أهلِ بَرِيرةَ لذلك الشَّرطِ، وإذا احتمَلَ هذا الإدخالَ، ارتفعَ القَطْعُ عليه بوجهٍ من تِلك الوُجُوهِ، ورُدَّ الأمرُ في ذلك إلى الأصْلِ، وهُو نَهْيُ رسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- عن بَيعْ الولاءِ وهِبتِهِ.

والآثارُ في قِصَّةِ بَرِيرةَ مَرْويَّةٌ بألفاظٍ مُختلِفةٍ، وقد ذكَرْناها (١)، وذكَرْنا ما فيها من الأحكام والمعاني، مُستقصاةً مبسُوطةً، في بابِ هشام بن عُروةَ من هذا الكِتابِ، فهُناك يتأمَّلُها من ابتغاها بحولِ الله، وذكَرْنا منها عُيُونًا وأُصُولًا، في بابِ ربيعةَ أيضًا والحمدُ لله.

وأمّا قولُهُ: إنَّ عائشَةَ أرادَتْ أن تَشْتريَ جاريةً فتُعتِقَها.

فإنَّ الفُقَهاءَ اختلفُوا فيمَنْ اشْتَرى عبدًا، على أن يُعتِقَهُ.

فذهَبَ مالكٌ (٢) إلى أنَّهُ لا بأسَ بذلك، وأنَّهُ يلزمُهُ العِتقُ، إذا وقعَ في شرطِ البَيعْ؛ قال ابنُ القاسم، وابنُ عبدِ الحكم عنهُ: لو باعَهُ على أن يُدبِّرهُ، أو يُعتِقهُ إلى سِنينَ، لم يَجُزْ؛ لأنَّ ذلك من الغَررِ، ويُفسَخُ البيعُ.

قال ابنُ الموّازِ: فإن فاتَ بالتَّدبيرِ، أو بالعِتقِ إلى أجلٍ، كان للباع ما وضَعَ من الثَّمنِ. قال: ولوِ اشْتَراهُ على أن يُعتِقهُ، فأبى من ذلك، كان للبائع نقضُ البيع.

وقال الثَّوريُّ: إذا باع (٣) عَبدَهُ على أن يُعتِقهُ، ويكونَ الولاءُ لهُ، فإنَّما يكونُ الوَلاءُ لمن أعتَقهُ. وهذا أجاز البيعَ، وأبطل الشَّرط.

وقال أبو حنيفةَ فيمَنْ اشْتَرى عبدًا على أن يُعتِقهُ: إنَّ البيعَ فاسِدٌ، فإنْ قَبَضهُ وأعتَقهُ فعليه الثَّمنُ، في قولِ أبي حنيفةَ (٤).


(١) في م: "ذكرناه".
(٢) انظر: المدونة ٣/ ١٩١.
(٣) في م: "بلغ".
(٤) انظر: المبسوط لمحمد بن الحسن ٤/ ٢٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>