للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحدَّثنا عبدُ الوارثِ بن سُفيانَ، قال: حدَّثنا قاسمُ بن أصبَغَ، قال: حدَّثنا بكرُ بن حمّادٍ، قال: حدَّثنا مُسدَّدٌ، قال: حدَّثنا يحيى، قال: حدَّثنا عُبيدُ الله، قال: أخبَرني نافعٌ، قال: بلغَ عبدَ الله بن عُمرَ: أنَّ أبا سعِيدٍ الخُدرِيَّ يأثُرُ عن رسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- في الصَّرفِ، فأخذَ بيدِي، وبيدِ رجُلٍ، فأتينا أبا سعِيدٍ، فقال لهُ عبدُ الله بن عُمرَ: شيءٌ تأثُرُهُ عن رسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- في الصَّرفِ؟ قال: سمِعَتهُ أُذُناي، ووَعاهُ قلبِي من رسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: "لا تَبِيعُوا الذَّهبَ بالذَّهبِ، إلّا مِثلًا بمِثلٍ، ولا الفِضّةَ بالفِضّةِ، إلّا مِثلًا بمِثلٍ، ولا تُفضِّلُوا بعضَها على بعضٍ، ولا تبِيعُوا منها غائبًا بناجِزٍ" (١).

وهذا من أصحِّ حديثٍ يُروَى في الصَّرفِ، وهُو (٢) يُوجِبُ تحرِيمَ الازدِيادِ والنَّساءِ جميعًا في الذَّهبِ والوَرِقِ، تِبرِهِما وعَيْنِهِما، وهُو أمرٌ مُجتَمعٌ عليه، إلّا فِرْقةٌ شذَّت وأباحَتْ فيهما الازدِيادَ والتَّفاضُلَ يدًا بيدٍ، وما قال بهذا القولِ أحَدٌ منَ الفُقهاءِ الذين تدُورُ عليهمُ الفتوَى في أمْصارِ المُسلِمِينَ، فلا وَجهَ للاشتِغالِ بالشُّذُوذِ.

والشِّفُّ في كلام العربِ، بالكسرِ: الزِّيادةُ، يُقالُ: الشَّيءُ يشِفُّ، ويستشِفُّ، أي: يزِيدُ.

وفي قولِهِ -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديثِ: "ولا تبِيعُوا منها غائبًا بناجِزٍ" دليلٌ على أنَّهُ لا يجُوزُ في الصَّرفِ شيءٌ من التَّأخِيرِ، ولا يجُوزُ حتّى يَحضُرَ العينُ منهُما جميعًا.

وهذا أمرٌ مجُتَمعٌ عليه، إلّا أنَّ من معنَى هذا البابِ، مِمّا اختلفَ فيه العُلماءُ، الصَّرفَ على ما ليسَ عندَ المُتصارِفَيْنِ، أو عندَ أحدِهِما في حِينِ العَقدِ.

قال مالكٌ: لا يجُوزُ الصَّرفُ، إلّا أن يكونَ العينانِ حاضِرتينِ (٣).


(١) أخرجه أحمد في مسنده ١٨/ ٦٨ (١١٤٩٤) من طريق يحيى بن سعيد، به. وأخرجه الخطيب في المدرج ١/ ١٨٧، من طريق عبيد الله بن عمر، به.
(٢) في م: "هو".
(٣) انظر: المدونة ٣/ ٣ - ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>