للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الشّافعيُّ (١) وأبو حنِيفةَ: يجُوزُ أن يشترِي دنانير بدراهِمَ ليست عندَ واحِدٍ منهُما، ثُمَّ يَسْتقرِض، فيدفع قبلَ الافتِراقِ (٢).

ورَوَى الحسنُ بن زِيادٍ، عن زُفرَ: أنَّهُ لا يجُوزُ الصَّرفُ حتّى تحضُرَ (٣) إحْدَى العينينِ، وتُعيَّن، فإن لم يكُن ذلك، لم يجُز، نحو أن يقول: اشْتَريتُ منكَ (٤) ألفَ دِرهم بمئةِ دِينارٍ، وسواءٌ أكانَ ذلك عندَهُما أم لم يكُن، فإن عيَّنَ أحدُهُما جازَ، وذلك مِثلَ أن يقول: اشْتَريتُ منكَ ألفَ دِرْهم، بهذه الدَّنانيرِ، إذا دَفعها قبلَ أن يَفْترِقا.

ورُوِي عن مالكٍ مِثلُ قولِ زُفر، إلّا أنَّهُ قال: يحتاجُ أن يكون قبضُهُ لما لم يُعيِّنهُ، قرِيبًا مُتَّصِلًا، بمَنزِلةِ النَّفقةِ، يحُلّها من كيسِه (٥).

وقال الطحاوِيُّ (٦): واتَّفقُوا، يعني هؤُلاءِ الفُقهاءَ الثَّلاثةَ، على جَوازِ الصَّرفِ، إذا كان أحدُهُما دينًا، وقبضهُ في المجلِسِ. فدلَّ على اعتِبارِ القَبضِ في المجلِسِ، دُون كونِهِ عينًا.

واختلَفَ الفُقهاءُ، أيضًا، في تصارُفِ الدَّينينِ، وتطارُحِهِما، مِثلَ أن يكونَ لرجُلٍ على رجُلٍ دنانيرُ، ولآخرَ عليه دراهِمُ.

فمذهبُ مالكٍ وأبي حنِيفةَ: أنَّهُ لا بأسَ أن يَشْترِي أحدُهُما ما عليه، بما على الآخرِ، ويتَطارحانِها (٧) صرفًا.


(١) انظر: الأم ٣/ ٣١.
(٢) انظر: مختصر اختلاف العلماء ٣/ ١٨١، والمبسوط للسرخسي ١٤/ ١٤.
(٣) في الأصل: "تظهر"، ولا معنى لها، وفي مختصر اختلاف العلماء الذي ينقل منه المؤلف: "إذا لم يعين أحدهما".
(٤) في م: "صك". وانظر: نحتصر اختلاف العلماء ٣/ ١٨١.
(٥) انظر: المدونة ٣/ ٦، وفيه: "من كُمّه" بدلًا من: "كيسه".
(٦) مختصر اختلاف العلماء ٣/ ١٨١ (١٢٦٩).
(٧) في م: "ويتطارحانهما".

<<  <  ج: ص:  >  >>