للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورِوايةُ أبي حنِيفةَ، عن هشام بن عُروةَ، عن أبيه، عن عائشةَ لهذا الحديثِ، كرِوايةِ يحيى بن هاشم (١) سواءً، قال فيه: "وتَوضَّئي لكلِّ صَلاةٍ". وكذلك رِوايةُ حمّادِ بن سَلَمةَ، عن هشام أيضًا، بإسنادِهِ مِثلهُ (٢). وحمّادُ بن سلمةَ في هشام بن عُروةَ ثَبْتٌ ثِقةٌ.

وأمّا سائرُ الرُّواةِ لهُ عن هشام بن عُروةَ، فلم يذكُرُوا فيه: الوُضُوءَ لكلِّ صلاةٍ: لا مالكٌ، ولا اللَّيثُ، ولا ابنُ عُيينةَ، ولا غيرُهُم، إلّا من ذكرتُ لك، فيما عَلِمت.

وروى شُعبةُ قال: حدَّثنا عبدُ الملكِ بن مَيْسرةَ، والمُجالِدُ بن سعِيدٍ، وبيانٌ، قالوا: سمِعنا عامرًا الشَّعبِي يُحدِّثُ، عن قُمَيرَ امرأةِ مسرُوقٍ، عن عائشةَ، أنَّها قالت في المُسْتَحاضةِ: تَدَعُ الصَّلاةَ أيامَ حَيْضتِها وتغتسِلُ غُسلًا واحِدًا، ثُمَّ تتوضَّأُ عندَ كلِّ صَلاةٍ (٣).

ورَوَى الثَّورِيُّ، عن فِراسٍ وبيانٍ، عنِ الشَّعبِيِّ، عن قُمَيرَ، عن عائشةَ مِثلهُ (٤).

قالوا: فلمّا رُوِي عن عائشةَ: أنَّها أفتَتْ بعدَ رسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- في المُستحاضةِ: أنَّها تتوضَّأُ لكلِّ صلاةٍ -فقد كان رُوِي عنها مرفوعًا ما تقدَّمَ ذِكرُهُ، من حُكم المُستحاضةِ: أنَّها تَغْتسِلُ لكلِّ صلاةٍ. ومن حُكمِها أنَّها تجمعُ بينَ الصَّلاتينِ بغُسل واحِدٍ- عَلِمنا بفتواها وجَوابِها، بعدَ وفاةِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أنَّ الذي أفتَتْ به، هُو النّاسخُ عندَها؛ لأنَّهُ لا يجُوزُ عليها أن تدَعَ النّاسِخَ، وتُفتِيَ بالمنسُوخ، ولو فعلَتْ لسقطَتْ رِوايتُها.

فهذا وجهُ تهذِيبِ الآثارِ في هذا المعنى.


(١) في د ٤، م: "بن هشام". انظر: ما قبله. وهو يحيى بن هاشم السمسار الغساني. الجرح والتعديل لابن أبي حاتم ٩/ ١٩٥.
(٢) سلف بإسناده في هذا الباب، وانظر تخريجه في موضعه.
(٣) أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ١٠٥، والبيهقي في الكبرى ١/ ٣٣٥، من طريق شعبة، به.
(٤) أخرجه الدارمي (٧٩٩)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ١/ ١٠٥، من طريق سفيان الثوري، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>