للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قال عِكرِمةُ وأيُّوبُ وغيرُهُما: سواءٌ دمُ الاستِحاضةِ، أو دمُ جُرح، لا يُوجِبُ شيءٌ من ذلك وُضُوءًا.

وروى مالكٌ (١)، عن هشام بن عُروةَ، عن أبيه أنَّهُ قال: ليسَ على المُستحاضةِ إلّا أن تغتسِلَ (٢) غُسلًا واحِدًا، ثُمَّ تتوضَّأ بعد ذلك لكلِّ صلاةٍ.

قال مالكٌ (٣): والأمرُ عندَنا على حديثِ هشام بن عُروةَ، عن أبيه، وهُو أحبُّ ما سَمِعتُ إليَّ.

والوُضُوءُ عليها عندَهُ استِحبابٌ، على ما ذكَرْنا عنهُ؛ لأنَّهُ لا يرفعُ الحدَثَ الدّائم، فوَجْهُ الأمرِ به الاستِحبابُ، والله أعلمُ.

وقدِ احتجَّ بعضُ أصحابِنا على سُقُوطِ الوُضُوءِ، بقولِ رسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- لفاطِمةَ بنتِ أبي حُبَيشٍ: "فإذا ذهَبَ قدرُ الحَيْضةِ، فاغْتَسِلي وصلِّي" (٤). ولم يذكُر وُضُوءًا، ولو كان الوُضُوءُ واجِبًا عليها، لما سكتَ عن أن يأمُرَها به.

ومِمَّن قال بأنَّ الوُضُوءَ على المُستحاضةِ غيرُ واجِبٌ: رَبِيعةُ، وعِكرِمةُ (٥)، وأيُّوبُ، وطائفةٌ، واللهُ المُوفِّقُ للصَّوابِ.

وأمّا الأحادِيثُ المرفُوعةُ في إيجابِ الغُسلِ لكلِّ صلاةٍ، وفي الجمع بين الصَّلاتينِ بغُسلٍ واحِدٍ، وفي الوُضُوءِ (٦) لكلِّ صَلاةٍ على المُستحاضةِ، فكلُّها مُضطرِبةٌ، لا تجِبُ بمِثلِها حُجّةٌ.


(١) أخرجه في الموطأ ١/ ١٠٨ (١٦١).
(٢) في م: "تغسل".
(٣) انظر: الموطأ ١/ ١٠٩ (١٦٣).
(٤) سلف بإسناده في هذا الباب من حديث عائشة، وانظر تخريجه في موضعه.
(٥) زاد هنا في: د ٤: "ومالك".
(٦) في م: "والوضوء" بدل: "وفي الوضوء".

<<  <  ج: ص:  >  >>