للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صيدًا وليسَ معهُ سِكِّينٌ، أيذبحُ بالمروة، وبشقِّ العَصا؟ قال: "أنْهِرِ الدَّمَ، أو أنزِلِ الدَّمَ بما شِئتَ، واذكُرِ اسمَ الله" (١). والمروةُ: فلقةُ الحجرِ، لا خِلاف في ذلك.

وحديثُ رافِع بن خدِيج، عنِ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: "ما أنهرَ الدَّمَ، وذُكِرَ اسمُ الله عليه فكُلُوا، ما خَلا السِّنَّ والعظمَ ... " الحديثَ.

وقد أجمَعُوا على أنَّ ما مرَّ مُرُورَ الحدِيدِ، ولم يُثْرِدْ (٢)، فجائزٌ الذَّكاةُ به.

وأجمعُوا على أنَّ الظُّفر إذا لم يكُن منزُوعًا، وكذلك السِّنُّ، فلا يجُوزُ الذَّكاةُ به؛ لأنَّهُ خَنْقٌ، وهذا أصلُ البابِ، والحمدُ لله.

وأولى ما قيلَ به في ذلك عِندنا:

ما أخبَرناهُ عبدُ الله بن محمدِ بن يُوسُفَ، قال: أخبرنا يوسُفُ بن أحمدَ، قال: حدَّثنا محمدُ بن عَمرٍو العُقيليُّ، قال: حدَّثنا يوسُفُ بن موسى، قال: حدَّثنا حُسينُ بن عيسى، قال: حدَّثنا أصْرَمُ بن حَوْشبٍ الهَمْدانيُّ، عنِ الحَسنِ بن عَطاءٍ، عن جعفرِ بن محمدٍ، عن أبيه، عن عليِّ بن أبي طالِبٍ، قال: قال رسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "من لم يُدرِكْ أحدَ الثَّلاثةِ، فلا ذَكاةَ لهُ: أن تَطْرِفَ بعينٍ، أو تَرْكُضَ برِجل، أو تَمْصَعَ بالذَّنَب".

وهذا الحديثُ وإن كان إسنادُهُ لا تقُومُ به حُجّةٌ، فإنَّ قولَ جُمهُورِ العُلماءِ بمعناهُ، على ما ذكَرْنا في بابِ زيدِ بن أسلمَ، يُوجِبُ السُّكُونَ إليه.

واستدلَّ جَماعةٌ من أهلِ العِلم بهذا الحديثِ، على صِحّةِ ما ذهَبَ إليه فُقهاءُ الأمصارِ. وهُم: مالكٌ، وأبو حنِيفةَ، والشّافعيُّ، والأوزاعِيُّ، والثَّورِيُّ (٣)،


(١) انظر تخريجه في الموضع المذكور قبله، وكذا حديث رافع بن خديج الآتي بعده.
(٢) ثرد الذبيحة: قتلها من غير أن يفري أوداجها. وقيل: التثريد، أن يذبح الذبيحة بشيء لا ينهر الدم، ولا يسيله. انظر: لسان العرب ٣/ ١٠٣.
(٣) انظر: التفريع على فقه الإمام مالك لابن الجلاب ٣/ ٢٩٢، وبدائع الصنائع للكاساني ٥/ ٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>