للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُسارَى المُسلِمِينَ، لقولِ الله عزَّ وجلَّ: {لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (٢٥)} [الفتح: ٢٥]. قال: وإنَّما صُرِفَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- عنهُم، لما كان فيهم من المُسلِمِينَ، لو تزيَّلَ الكُفّارُ من المُسلِمِينَ، لعذَّبَ الكُفّار.

وقال أبو حنِيفةَ وأصحابُهُ، والثَّورِيُّ: لا بألسَ برميِ حُصونِ المُشرِكِينَ، وإن كان فيهم أُسارَى من المُسلِمِينَ وأطفالٌ من المُسلِمِينَ، أوِ المُشرِكِينَ، ولا بأسَ أن يُحرقَ الحِصنُ، ويُقصَدَ به المُشرِكُونَ، فإن أصابُوا واحِدًا من المُسلِمِينَ، فلا دِيةَ ولا كفّارةَ.

وقال الثَّورِيُّ: إن أصابُوهُ، ففيه الكفّارةُ، ولا دِيةَ (١).

وقال الأوزاعِيُّ: إذا تترَّلسَ الكُفّارُ بأطفالِ المُسلِمِينَ، لم يُرمَوْا، لقولِ الله عزَّ وجلَّ: {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ} [الفتح: ٢٥]. قال: ولا يُحرَقُ المركبُ فيه أُسارَى من المُسلِمِين.

قال: ويُرمَى الحِصْنُ بالمَنْجنِيقِ، وإن كان فيه أُسارَى مُسلِمُونَ، فإن أصابَ أحدًا من المُسلِمِينَ، فهُو خطأٌ، فإن جاؤُوا مُتترِّسِينَ بهم رُمُوا، وقُصِدَ بالرَّميِ العدو. وهُو قولُ اللَّيثِ.

وقال الشّافعيُّ: لا بأسَ برَمْيِ الحِصْنِ وفيه أُسارَى وأطفالٌ، ومن أُصيبَ، فلا شيءَ فيه. وإن تترَّسُوا، ففيه قولانِ، أحدُهُما: يُرْمَونَ، والآخرُ: لا يُرْمَونَ. إلّا أن يكونَ يَقْصدُ المُشْركَ، وُيتوخَّى جُهدَهُ، فإن أصابَ في هذه الحالِ مُسلِمًا، وعلِمَ أنَّهُ مُسلِمٌ، فالدِيةَ (٢) مع الرَّقبةِ، وإن لم يعلمهُ مُسلِمًا، فالرَّقبةُ وحدَها.


(١) في د ٤: "والدية"، والمثبت هو الصواب، ويعضده ما نقله عنه الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ٣/ ٤٣٤ (١٥٨٢).
(٢) في م: "فلا دية".

<<  <  ج: ص:  >  >>