للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: من سُنّةِ رسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- الغارةُ على المُشرِكِينَ صباحًا وليلًا، وبه عمِلَ الخُلفاءُ الرّاشِدُونَ.

ورَوَى جُندُبُ بن مَكيثٍ الجُهَنِىُّ، قال: بعثَ رسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- غالِبَ بن عبدِ الله اللَّيثيَّ، ثُمَّ أحدَ بني خالدِ بن عَوْفٍ في سرِيّةٍ كنتُ فيهم، وأمرَهُ أن يشنَّ (١) الغارةَ على بني المُلوَّح لالكديد. قال: فشَننّا عليهمُ الغارةَ ليلًا (٢).

ومعلُومٌ أنَّ الغارةَ يَتلَفُ فيها من دَنا أجلُهُ، مُسلِمًا كان أو مُشرِكًا، وطِفلًا وامرأةً، ولم يَمْنع رسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قولُ الله عزَّ وجلَّ: {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ} الآيةَ ونهيُهُ عن قتلِ النِّساءِ والوِلدانِ، من الغارةِ.

وهذا عِندِي محمُولٌ على أنَّ الغارةَ إنَّما كانت، واللهُ أعلمُ، في حِصْنٍ وبَلَدٍ لا مُسلِمَ فيه في الأغلَبِ.

وأمّا الأطفالُ من المُشرِكِينَ في الغار، فقد جاءَ فيهم حديثُ الصعبِ بن جَثّامةَ، وهُو حديث ثابت صحِيحٌ:

حدَّثنا عبدُ الله بن محمدٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بن بكرٍ، قال: حدَّثنا أبو داودَ، قال (٣): حدَّثنا أحمدُ بن عَمرِو بن السَّرح، قال: حدَّثنا سُفيانُ، عنِ الزُّهرِيِّ، عن عُبيدِ الله بن عبدِ الله، عنِ ابنِ عبّاسٍ، عنِ الصَّعبِ بن جثّامةَ، أَنَّهُ سألَ رسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم-


(١) في م: "وأمرهم أن تشن".
(٢) أخرجه أحمد في مسنده ٢٥/ ١٦٩ - ١٧١ (١٥٨٤٤)، وأبو داود (٢٦٧٨)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (٢٥٩١)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٣/ ٢٠٨، والطبراني في الكبير ٢/ ١٧٩ - ١٧٨ (١٧٢٦)، والحاكم في المستدرك ٢/ ١٢٤، والبيهقي في الكبرى ٩/ ٨٨ - ٨٩.
عن جُندب بن مَكيث مطولًا. وإسناده ضعيف، فإنه من رواية مسلم بن عبد الله بن خبيب، وهو مجهول. وانظر: المسند الجامع ٥/ ١٩ - ٢٠ (٣٢١١).
(٣) في سننه (٢٦٧٢). والحديث سلف تخريجه في شرح الحديث السادس لابن شهاب، وهو في الموطأ ١/ ٤٧٥ (١٠١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>