للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَوْجَها في ذلك، فيأبى أن يأذنَ لها، هل يُجبَرُ على الإذنِ (١) لها؟ قال: نعم ولكِنْ لا يُعجَّلُ عليه، ويُؤَخَّرُ العامَ بعد العام.

وهذه الرِّوايةُ عن مالكٍ، تدُلُّ على أنَّ الحجَّ عندَهُ ليسَ على الفَورِ، بل على التَّراخِي، واللَّهُ أعلمُ.

واختلَفَ قولُ أبي يُوسُف في هذه المسألةِ، فرُوِي عنهُ: أَنَّهُ على الفَوْرِ. ورُوِي عنهُ: أَنَّهُ في سَعةٍ من تأخِيرِهِ أعوامًا. وهُو قولُ محمدِ بن الحسنِ، والشّافعيِّ.

قال الشّافعيُّ (٢): يجُوزُ تأخِيرُ الحجِّ بعدَ الاستِطاعةِ، العامَ بعد العام. ولم يحدَّ.

وقال سحنُونٌ، وسُئل عنِ الرَّجُلِ يجِدُ ما يحُجُّ به، فيُؤَخِّرُ ذلك سِنِينَ كثِيرةً، مع قُدْرتهِ على ذلك، هل يُفسَّقُ بتأخِيرِهِ الحجَّ، وتردُّ شهادتُهُ؟ قال: لا يُفسَّقُ، ولا (٣) تُردُّ شهادتُهُ، وإن مَضَى من عُمرِهِ سِتُّونَ سنةً، فإذا زادَ على السِّتِّينَ، فُسِّقَ ورُدَّت شَهادتُهُ.

قال أبو عُمر: لا أعلمُ أحدًا قال: إنَّهُ يُفسَّقُ، وتُردُّ شَهادتُهُ إذا جاوزَ السِّتِّينَ غير سحنُونٍ، وهذا توقِيتٌ لا يجِبُ إلّا بتوقِيفٍ، مِمَّن يجِبُ التَّسلِيمُ لهُ، وكلُّ من قال بالتَّراخِي في هذه المسألةِ، لا يحدُّ في ذلك حدًّا، والحُدُودُ في الشَّرع لا تُؤخَذُ إلّا عمَّن لهُ أن يُشرِّع، واللَّهُ أعلمُ.

وكلُّ هؤلاءِ يأبَونَ أن يكونَ الحجُّ على الفورِ، خِلافًا لمن قال ذلك من المُتأخِّرينَ (٤).


(١) في م: "إذن".
(٢) انظر: الأم ٢/ ١١٨.
(٣) هذا الحرف سقط من ف ٣.
(٤) من قوله: "وكل هؤلاء" إلى هنا، لم يرد في م، كونه جاء ملحقًا في حاشية الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>