للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للنَّسيء (١) الذي كانوا يُنسِؤُونهُ (٢) لهُ عامًا بعد عام، فأنزلَ اللَّه تعالى: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا} الآية [التوبة: ٣٧].

نقلَتْ ذلك كلَّهُ الكافّةُ، لم يختلِفُوا فيه، واستقرَّ الحجُّ من حِجّةِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في ذي الحِجّةِ إلى يوم القِيامةِ إن شاءَ اللَّه.

وأمّا قولُهُ في حديثِ مالكٍ: واللَّه لا أزِيدُ على هذا ولا أنقُصُ منهُ، فقال رسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أفلَحَ إن صدَقَ". ففيه دليلٌ -واللَّهُ أعلمُ- على أنَّ من أدَّى فرائضَ اللَّه وجبَتْ لهُ الجنّةُ إذا اجتنَبَ محارِمهُ، لأنَّ الفلاحَ مَعناهُ البقاءُ في نعِيم الجنّةِ التي أُكُلُها دائمٌ وظِلُّها، وفاكِهتُها لا مَقْطُوعةٌ ولا ممنُوعةٌ، وعلى أداءِ فرائضِ اللَّه واجتِنابِ محارِمِهِ وعَدَ اللَّه المُؤمِنِين بالجنّةِ، واللَّه لا يُخلِفُ المِيعادَ.

كان عُمرُ بن عبدِ العزيزِ رحِمهُ اللَّه يقولُ في خُطبتِهِ: ألا إنَّ أفضَلَ الفَضائلِ أداءُ الفرائضِ، واجتِنابُ المَحارِم (٣).

وشكا رجُلٌ إلى سَلْمانَ الفارِسِيِّ: أنَّهُ لا يَقدِرُ على القِيام باللَّيلِ. فقال لهُ: يا ابن أخِي، لا تَعْصِ اللَّه بالنَّهارِ، تَسْتغنِ عنِ القِيام باللَّيل (٤).

وأصلُ الفَلاح في اللُّغةِ: البَقاءُ والدَّوامُ، قال الشّاعِرُ (٥):


(١) في م: "المنسي".
(٢) في م: "ينسونه".
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (٣٦٢٢٨)، وأحمد في الزهد، ص ٢٩٦.
(٤) انظر: مختصر قيام الليل لمحمد بن نصر، ص ٤.
(٥) الشاعر هو الأضبط بن قريع، وانظر: البيت في غريب الحديث لأبي عبيد ٤/ ٣٨، ولسان العرب ٢/ ٥٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>