للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكالاسْتِجمارِ بحجَرينِ وبثلاثةِ أحجارٍ، من فعلَ شيئًا من ذلك فقد أحسنَ وأخذَ (١) بوَجهٍ مُبصاح من السُّننِ، فسبقَ إلى أهلِ المدِينةِ من ذلك التَّسلِيمةُ الواحِدةُ، فتَوارثُوها وغلبَتْ عليهم، وسبقَ إلى أهلِ العِراقِ وما وراءَها التَّسلِيمتانِ، فجَرُوا عليها، وكلٌّ جائزٌ حسنٌ، لا يجُوزُ أن يكونَ إلّا توقِيفًا، مِمَّن يجِبُ التَّسلِيمُ لهُ في شرع الدِّينِ، وباللَّه التَّوفيقُ.

وأمّا رِوايةُ من رَوَى عن مالكٍ: أنَّ التَّسلِيمتينِ لم تَكُن (٢) إلّا من زَمنِ بنِي هاشِم. فإنَّما أرادَ ظُهُور ذلك بالمدِينةِ، واللَّه أعلمُ.

وأجمعَ العُلماءَ على أنَّ الصلاةَ على النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فرضٌ واجِبٌ على كلِّ مُسلِم، لقولِ اللَّه عزَّ وجلَّ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: ٥٦].

ثُمَّ اختَلفُوا متى تجِبُ، ومتى وقتُها ومَوْضِعُها؟

فمذهبُ مالكٍ، عندَ أصحابِهِ، وهُو قولُ أبي حَنِيفةَ وأصحابِهِ: أنَّ الصَّلاةَ على النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فرضٌ في الجُملةِ بعَقدِ الإيمانِ.

ولا يتعيَّنُ ذلك في الصَّلاةِ.

ومن مَذهبِهِم: أنَّ من صلَّى على النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في التَّشهُّدِ مرّةً واحِدةً في عُمُرِهِ، فقد سقطَ فرضُ ذلك عنهُ.

ورُوِي عن مالكٍ وأبي حنِيفةَ والثَّورِيِّ والأوزاعِيِّ، أنَّهُم قالوا: الصَّلاةُ على النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في التَّشهُّدِ جائزٌ. ويستحِبُّونها، وتارِكُها مُسِيءٌ عندَهُم، ولا يُوجِبُونها فيه (٣).


(١) في م: "وحاد".
(٢) هكذا في النسخ؛ ولو قال: لم تكونا لكان أصحّ.
(٣) انظر: الأوسط لابن المنذر ٣/ ٢٦١ - ٢٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>