للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الشّافعيُّ (١): إذا لم يُصلِّ المُصلِّي على النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في التَّشهُّدِ الآخِرِ بعد التَّشهُّدِ، وقبلَ التَّسلِيمِ، أعادَ الصَّلاةِ.

قال: وإن صلَّى عليه قبلَ ذلك، لم يُجزِهِ.

وهذا قولٌ حكاهُ عنهُ حرملةُ بن يحيى، لا يكادُ يُوجَدُ هكذا عنهُ إلّا من رِوايةِ حَرْملةَ، وهُو من كِبارِ أصحابِهِ، الذين كتبُوا عنهُ كُتُبهُ.

وقد تَقلَّدهُ أصحابُ الشّافعيِّ ومالُوا إليهِ، وناظرُوا عليه، وهُو عندَهُم تحصِيلُ مَذْهبِهِ.

ومِن حُجّةِ من قال: إنَّ الصَّلاةَ على النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ليَسْت بواجِبةٍ في الصَّلاةِ، حديثُ الحسنِ بن الحُرِّ، عنِ القاسم بن مُخيمِرةَ، قال: أخذَ عَلْقمةُ بيدِي، فقال: إنَّ عبد اللَّه بن مسعُودٍ أخذَ بيدِهِ، وقال: إنَّ رسُول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أخذَ بيدِي كما أخذتُ بيدِكَ، فعلَّمنِي التَّشهُّد، فقال: "قُل: التَّحِيّاتُ للَّه والصَّلواتُ والطَّيِّباتُ، السَّلامُ عليكَ أيُّها النَّبيُّ ورحمةُ اللَّه وبركاتُهُ، السَّلامُ علينا وعلى عِبادِ اللَّه الصّالحِين، أشهدُ أن لا إله إلّا اللَّه وحدَهُ لا شرِيكَ لهُ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسُولُهُ". قال: "فإذا أنت قُلتَ ذلك، فقد قَضيتَ الصَّلاةَ، وإن شِئتَ أن تقُومَ فقُم، وإن شِئتَ أن تقعُدَ فاقعُدْ" (٢).


(١) انظر: الأم ١/ ١٢٠.
(٢) أخرجه الطيالسي (٢٧٣)، وأحمد في مسنده ٧/ ١٠٨ (٤٠٠٦)، والدارمي (١٣٤١) وأبو داود (٩٧٠)، وابن حبان ٥/ ٢٩١ - ٢٩٣ (١٩٦١، ١٩٦٢)، والطبراني في الكبير ١٠/ ٦١ - ٦٢ (٩٩٢٣، ٩٩٢٤)، والبيهقي في الكبرى ٢/ ١٧٤ - ١٧٥، من طريق الحسن بن الحر، به. وانظر: المسند الجامع ١١/ ٥٣٨ - ٥٣٩ (٩٠٣٥).
قال ابن حبان: "ذكر البيان بأن قوله: "فإذا قلت هذا فقد قضيت ما عليك" إنما هو قول ابن مسعود، ليس من كلام النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أدرجه زهير في الخبر".
وقال الدارقطني: "رواه زهير بن معاوية، عن الحسن بن الحر، فزاد في آخره كلامًا وهو قوله: "إذا قلت هذا، أو فعلت هذا، فقد قضيت صلاتك، فإن شئت أن تقوم فقنم، وإن شئت أن تقعد فاقعد"، وأدرجه بعضهم عن زهير في الحديث ووصله بكلام النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-" (العلل ٧٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>