للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: ففي هذا الحديثِ ما يَشْهدُ لن لم يرَ الصَّلاةَ على النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في التَّشهُّدِ واجِبةً، ولا سُنّةً مسنُونةً؛ لأنَّ ذلك لو كان واجِبًا، أو سُنّةً، لبيَّن ذلك وذكَرهُ.

ومن حُجَّتِهِم أيضًا: حديثُ الأعمشِ، عن أبي وائلٍ شَقِيقِ بن سلمةَ، عنِ ابنِ مسعُودٍ، عنِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في التَّشهُّدِ (١). وفي آخِرِهِ: "ثُمَّ ليتخيَّر أطيبَ الكلام". أو: "ما أحبَّ من الكلام".

ومِن حُجَّتِهِم أيضًا: حديثُ فَضَالةَ بن عُبيدٍ: أنَّ رسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سمِعَ رجُلًا يدعُو في صَلاتِهِ، لم يحمدِ اللَّه عزَّ وجلَّ، ولم يُصلِّ على النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "عجِلَ هذا". ثُمَّ دَعاهُ فقال لهُ، أو لغيرِهِ: "إذا صلَّى أحدُكُم فليَبْدأ بحمدِ اللَّه، والثَّناءِ عليه، ثُمَّ يُصلِّي على النَّبيِّ، ثُمَّ يدعُو بما شاءَ" (٢).

ففي حديثِ فضالةَ هذا، أنَّ النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يأمُرِ المُصلِّي، إذ لم يُصلِّ على النَّبيِّ عليه السَّلامُ في صلاتِهِ، بالإعادةِ.

فدلَّ على أنَّ ذلك ليسَ بفَرْضٍ، ولو تركَ فرضًا، لأمرهُ بالإعادةِ، كما أمرَ الذي لم يُقِم رُكُوعهُ ولا سُجُودهُ بالإعادةِ، وقال لهُ: "ارجِعْ فصلِّ، فإنَّك لم تُصلِّ" (٣).

رَوَى ذلك رِفاعةُ بن رافِع، وأبو هريرةَ عنِ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد ذكَرْنا حَدِيثهُما فيما سلَفَ من كِتابِنا، والحمدُ للَّه.


(١) سلف بإسناده في هذا الباب، وانظر تخريجه في موضعه.
(٢) أخرجه أحمد في مسنده ٣٩/ ٣٦٣ (٢٣٩٣٧)، وأبو داود (١٤٨١)، والترمذي (٣٤٧٧)، والبزار في مسنده ٩/ ٣٠٢ (٣٧٤٨)، وابن خزيمة (٧١٠)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار ٦/ ١٠٨ (٢٢٤٢)، وابن حبان ٥/ ٢٩٠ (١٩٦٠)، والطبراني في الكبير ١٨/ ٣٠٧ (٧٩١)، والحاكم في المستدرك ١/ ٢٣٠، ٢٦٨، والبيهقي في الكبرى ٢/ ١٤٧ - ١٤٨. وقال الترمذي: حسن صحيح. وانظر: المسند الجامع ١٤/ ٤٣٧ - ٤٣٨ (١١١١٢).
(٣) سلف تخريجه في شرح الحديث الثاني لابن شهاب، عن علي بن حسين، وهو في الموطأ ١/ ١٢٥ (١٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>