للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنِ اللَّيْثِ، عن ربِيعَةَ. وقال به قَوْمٌ؛ منهم داودُ وأصحابُه، وهو قولُ عُرْوَةَ بنِ الزبير (١).

واحْتَجَّ بعضُ مَن ذَهَبَ هذا المَذْهَبَ بما ذكَرْنا مِن حديثِ جابرٍ، وحديثِ عائشةَ، وزَعَمُوا أنَّ النَّسْخَ فيهما واضِحٌ، لِمَا كانَ عليه الأمْرُ مِن كَراهِيَةِ ذلك، وقالوا: ليس خالِدُ بنُ أبي الصَّلْتِ بمَجْهُول؛ لأنَّه روَى عنه خالِدٌ الحذَّاءُ والمباركُ بنُ فَضَالَةَ، ووَاصِلٌ مَوْلى أبي عُيَيْنَةَ، وكان عامِلًا لعُمَرَ بنِ عبدِ العَزِيزِ، فكيفَ يُقالُ فيه: مَجْهُولٌ (٢)؟!

وذكرُوا حديثَ شُعْبةَ، عن عبدِ الرَّحْمَنِ بنِ القاسِم، عن نافِع، عن ابنِ عمرَ، أنَّه كان يَسْتَقْبِلُ القِبلةَ بالغائِطِ والبَوْل (٣). وحديثَ بكرِ بنِ مُضَرَ، عن جَعْفَرِ بنِ ربيعةَ (٤)، عن عِرَاكِ بن مالِكٍ، عن عائِشَةَ، أنَّها كانتْ تُنْكِرُ قَولَهم: إذا خَرَجَ أحدُكم إلى الخلاء فلا يَسْتَقْبِلِ القبلةَ (٥).

قال أبو عُمر: ليس الإنْكارُ بحُجَّةٍ، وقد ثبَتَ عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ما وصَفْناه، وأمَّا ما رُويَ عن ابنِ عمرَ فمَحْمَلُه عندَنا على أنَّ ذلك في البُيوتِ، وقد بانَ ذلكَ برِوايةِ مَرْوانَ الأصْفَرِ وغيرِه عن ابنِ عمر.

والصَّحِيحُ عندَنا، الذي نذهَبُ إليه، ما قالَه مالكٌ وأصْحابُه، والشَّافعيُّ؛


(١) ينظر: الأوسط لابن المنذر ١/ ٤٤٣، والاعتبار في الناسخ والمنسوخ ص ٣٦، والمحلّى لابن حزم ١/ ١٩٩، ونصب الراية للزيلعي ٢/ ١٠٨ - ١٠٩.
(٢) يشير إلى ابن حزم، وقوله فيه: "وأما حديث عائشة فهو ساقطٌ؛ لأنه من رواية خالدٍ الحذّاء، وهو ثقة، عن خالد بن أبي الصلت وهو مجهولٌ لا يُدرى مَنْ هو". المحلّى ١/ ١٩٦.
(٣) ذكره ابن حزم في المحلي ١/ ١٩٤، قال: وروينا ذلك عن ابن عمر من طريق شعبة؛ فذكره.
(٤) في الأصل، م: "عن ربيعة"، وهو تحريف ظاهر، وينظر: تهذيب الكمال ٥/ ٢٩.
(٥) أخرجه البخاري في التاريخ الكبير ٣/ ١٥٦ (٥٣٥)، وابن أبي حاتم في العلل ١/ ٤٧٢ (٥٠). وسلف التعليق عليه قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>