للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّ في ذلك اسْتِعْمالَ السُّننِ على وُجُوهِها المُمْكِنَةِ فيها، دُونَ رَدِّ شيءٍ ثابتٍ منها، وليس حَديثُ جابِرٍ بصحيح عنه فيُعَرَّجَ عليه؛ لأنَّ أبانَ بنَ صالح الذي يَرْويه ضَعِيفٌ (١)، وقد رواه ابنُ لَهِيعَةَ، عن أبي الزُّبَيْرِ، عن جابِرٍ، عن أبي (٢) قَتادَةَ، عن النبيِّ عليه السَّلامُ (٣)، على خِلافِ روايةِ أبانَ بنِ صالح، عن مجاهدٍ، عن جابرٍ، وهو حدِيث لا يُحْتَجُّ بمثلِه.

وحديثُ عائِشَةَ قد دَفَعَه قَوْمٌ، ولو صَحَّ لم يكنْ فيه خِلافٌ لِمَا ذهَبْنا إليه؛ لأنَّ المَقْعَدَ لا يكُونُ إلَّا في البُيوتِ، وليس بذلك بَأْسٌ عندَنا في كُنُفِ البُيوتِ،


(١) كذا قال رحمه اللَّه، ولم يُتابع في هذا إلا ما قاله ابن حزم في المحلى ١/ ١٩٨: "وأبان بن صالح ليس بالمشهور"، وهو قوله مردودٌ فإن أبان بن صالح: وهو ابن عمير بن عبيد القرشيّ، مولاهم، وثّقه الأئمّة، فقد نقل ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ٢/ ٢٩٧ (١٠٩١) قول أبي زرعة الرازي فيه: "مكّي ثقة" وعن أبيه: "ثقة"، ومثل ذلك عن يحيى بن معين. وذكره ابن حبّان في الثقات، ووثقهُ ابن خزيمة، وأبو عبد اللَّه الحاكم، وأخرج له الأوّلان حديثه في صحيحيهما، وأخرج الثاني حديثه في المستدرك كما هو موضح في تهذيب الكمال والتعليق عليه ٢/ ١١ - ١٢ (١٣٧).
وقال ابن حجر في التقريب (١٣٧): "وثّقه الأئمّة، ووهِمَ ابن حزم فجهّله، وابن عبد البرّ فضعّفه".
وقال في تهذيب التهذيب ١/ ٩٥: "وهذه غفلةٌ منهما وخطأٌ تواردا عليه، فلم يُضعِّف أبان هذا أحدٌ قبلهما، ويكفي فيه قول ابن معين ومنْ تقدّم معه".
(٢) "أبي" سقطت من الأصل، وأثبتناها من ق، ف ١.
(٣) أخرجه أحمد في المسند ٣٧/ ٢٥٢ (٢٢٣٥٦٠)، والترمذي (١٠)، والطحاوي في شرح معاني الآثار ٤/ ٢٣٤ (٦٥٩٦)، وإسناده ضعيفٌ لأجل ابن لهيعة، وهو عبد اللَّه المصري، وقد تفرّد به من هذا الوجه، وقد صحّ من حديث جابر السالف ذكره، قال الترمذي: "وحديث جابر، عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أصحُّ من حديث ابن لهيعة".
وقال الدارقطني في العلل ٦/ ١٦٦ (١٠٤٧): "كذلك يرويه ابن لهيعة، عن أبي الزبير -محمد بن مسلم بن تدرس- عن جابر، عن أبي قتادة، وليس بمحفوظٍ، والحديث مشهورٌ عن جابر بن عبد اللَّه، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، يرويه محمد بن إسحاق، عن أبان بن صالح، عن مجاهد، عن جابر".

<<  <  ج: ص:  >  >>